ما زلت أذكر كيف كنّا ننتظر طوال الأسبوع حتى يأتي يوم الجمعة ..فقط من أجل «الجاج» ..فالجمعة هو اليوم الرسمي للجاج ..لا يمكن أن يتجرّأ أحد ويطلب مقلوبة أو مسخن أو صينيّة في غير ذلك اليوم ..إلا إذا جاء ضيف ..حينها لا نأكل بشكل رسمي ..بل ما تبقّى من ورائهم «قرمشة و توالي ما على القطعة من لحم « ..
كنتُ أنا مندوب الدجاج في عائلتي ..كنّا في المزارع التي تبعد عن سوق القرية أكثر من 4 كم ..أقطعها مشياً ذهاباً و عودة ..كنتُ حين أتلكّأ بالذهاب يهب بي الجميع و بالذات إخوتي : يلاّ يا بني آدم ..ولك هسّا ما يظلّي جاج ..ولك عشان تلحق أمّك تطبخ ..
كل ذلك ..من أجل قطعة واحدة فقط ..نعم فقط ..هي حصّة أزعم واحد فينا ..قطعة لها رائحة اللذة ..وطعم اللذة ..ولون اللذة أيضاً ..قطعة تفتح لك أبواب السعادة بعد أسبوع من الانتظار ..
اليوم ..وجهك في وجه كل الدجاج ..ليل نهار ..بأي لحظة تذهب و تشتري دجاجة دجاجتين ثلاثة ..يكون نصيبك بقدر ما تريد من عدد القطع ..تبدأ بالساق ..و تسرح مع الفخذة ..و تنقذك السفينة ...
ولكن ..تأكل جاجاً وأنت تبحث فيه عنه ..لا يوجد جاج في الجاج ..تبحث عن اللذة ..في الرائحة و الطعم و اللون ..وكأن اللذة تأبى أن تظهر لك ..ليس لأنك شبعتَ جاجاً ..بل لأنك ما زلت تدرك أن الانسان إذا تغيّرت قيمه و مفاهيمه إلى الأسواء ..وإذا صارت اللذة رخيصة بحيث أنها مرميّة في الشوارع ..فإن الجاج أيضاً يسحب لذته الحقيقيّة و يتركنا نصارع اللهاث في البحث عنه ..
عد أيها الجاج ولتكن حصّتي قطعة واحدة في الاسبوع ..
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي