يُلاحظ خلال آخر فترة وجود “حرد” أو ما يمكن أن يُطلق عليه زعل وغضب بعد خروج أي شخص من الوظيفة العامة، وهذه الملاحظة لا يُستثنى منها لا وزير ولا موظف درجة بسيطة، فالكل “يحرد” عن سماعه خبر إحالته على التقاعد.
التقاعد هو نهاية مرحلة لعملٍ ما، وهي النقطة التي تتولد فيها قناعة عند صاحب العمل أو المسؤول في مؤسسة أن الشخص قد أعطى ما لديه وأن المرحلة تحتاج إلى ضخ دماء جديدة في الموقع.
لكن مفهوم التقاعد في الأردن يختلف؛ حيث يشعر المتقاعد انه أدى دوره في الحياة وفي الأسرة، وانتهى هذا الدور، ويتحول الى شخص محبط وكئيب، يجلس في صالة بيته مهموما مكدرا عاجزا رغم أن بعضهم لديه قوة جسمانية وعقلية سليمة يطلق لحيته ولا يهتم الى لبسه، يلتزم دينياً ويصبح مواظبا على الصلاة في المسجد – بعد التقاعد مباشره-، لكن يتغير بشكل تدريجي نحو متابعة المباريات وسماع أم كلثوم وتشكيل “شلّة” يسهر معهم ويلعب الورق احياناً أُخرى.
لكن هناك شعور عند غالبية المتقاعدين أنهم ظُلموا وان الذين أتوا بعدهم ليسوا في المستوى المطلوب، بحيث يتحول هذا الشعور تدريجياً الى شعور بالقهر والانتقاد المباشر والمبطن لمؤسسته وأسلوب عملها والمسؤولين عنها، ويتحول جزء منهم الى تيار المعارضة التي تنتقد كل شيء في البلد بدون استثناء!
سألت عدداً منهم؛ لماذا يحدث هذا الانقلاب، لماذا يتحول الشخص الى معارض أو حتى حاقد على مؤسسته ومسؤوليه السابقين؟
عندما طرحت هذا السؤال توقعت ان تكون الاجابة أننا أفضل من الموجودين، وأننا قدمنا أداءً مميزًا ولكن لم يقدره المسؤلون عنا.
لكن الجواب كان – من الغالبية – هو أسلوب الإخراج من العمل.
وعندما تعمقت في الأسئلة وجدت ان معظمهم سمع بتقاعده من مدير مكتبه أو فرّاش المكتب أو من المواقع الإلكترونية.
وأن مسؤوليهم لم يتواصلوا معهم ولم يطلبوهم الى مكاتبهم ولا حتى شكروهم – من باب المجاملة – على جهدهم في مؤسساتهم، وهذا ما سمعته من وزراء سابقين قبل الموظفين العاديين.
وعلّل آخرون أن سبب هذا التحول يعود إلى الاساءات التي يتعرضون لها من الاشخاص الذين يأتون في مواقعهم، حيث يتم وصفهم بالفاسدين و يتم البحث في الملفات عن اي أخطاء إدارية او مالية ويصل في بعضهم الى تحويلها الى القضاء بالرغم من عدم وجود هذه الأخطاء ولكن يكون السبب هو “حرق” لهؤلاء الاشخاص وإثبات أن عهدهم كان فاسداً.
أحببت في هذه المادة إلقاء الضوء على هذه الفئة التي سنكون منهم في توقيتٍ ما، وأردت ان أصف شعورهم الذي سنشعر به جميعاً عندما يأتي موعد التقاعد من عملنا، وأردت أيضاً أن أرسل رسالة لأي مسؤول أنه كما تتعامل مع زميلك المتقاعد سيتم التعامل معك عندما تخرج من الخدمة.
كما أردت أن يتم إيجاد أسلوب أفضل لإحالة الموظفين (مسؤولين او موظفين عاديين) بحيث يشعر الموظف – عند خروجه – ان هناك تقديرا للجهد الذي بذله في مؤسسته، وعندما يُؤخذ قرار تقاعد أي شخص أن يطلبه مسؤوله ويشكره على جهده الذي قدمه سابقاً، وكذلك عدم مناكفة أي مسؤول متقاعد وعدم الإساءة له – من خليفته أو مسؤولي مؤسسته-.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي