العدل؛ اسم من أسماء الله الحسنى، وهو العادل، وكل البشر يبحثون عن العدالة، ويركنون إليها، فتترقى حياتهم، وآخرتهم.. لكن يوجد مفارقات قاتلة للعدالات جميعا، ومن عجب فإن القانون والقضاء نفسهما، من يوفران ظروفا لتنامي مثل هذه المفارقات، فتضيع العدالة في المجتمعات، تماما كما هي في شريعة الغابة، وكائناتها، التي يحكمها قانون البقاء للأقوى والأضخم والأسرع والأذكى.. بل الأكثر خبثا ودهاء، والأكثر تخففا من المبادىء والأخلاق.
على مستوى الدولة وتشريعاتها، قلما يحدث أن توجد مثل هذه المفارقات التي تضيع معها العدالة، فالدولة حاضرة بمؤسساتها، وهي دولة قانون ومؤسسات، ومن أهم سلطاتها الدستورية، السلطة التشريعية «مجلس الأمة بشقيه، الأعيان والنواب»، والسلطة القضائية المستقلة، التي طالما قدمت أمثلة على النزاهة والعدالة، يقدرها من كان عرضة لضياع الحقوق لولا نزاهة القضاء.. فإن ثمة قصورا تشريعيا ما، هناك أكثر من جهة يمكنها اقتراح او تقديم قانون لسد هذه الثغرة..
متى تضيع العدالة ويصبح القانون سلاحا لتدميرها؟!
يحدث هذا على ضفاف السلطة «أي سلطة»، حتى سلطة رب العائلة في البيت .. فهناك شر وجريمة وبساطة وتخلف وتدن في مستويات الوعي والأخلاق، فليسوا كل الناس سواء، ويمكن لأي نظام في الدنيا، وأية مؤسسة، حتى لو كانت إجراءاتها مؤسسية و «ديمقراطية كمان»، يمكن أن تضيع فيها العدالة، وذلك حين يفسد شخص أو موظف فيها، فيستغل «القانون نفسه»، ويتحول في يده سلاحا مصلتا على رقاب وحقوق الآخرين، وأداة فتاكة لإلحاق الظلم بالأبرياء، وهناك أمثلة كثيرة على هذا النوع، تجدونها في المحاكم وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد وغيرها..
المساحة الأوسع التي يرتع فيها الظلم وغياب العدالة، شعبية، موجودة في قاعات المحاكم، وضحاياها في السجون أو بيننا، فكثير من الناس «ضاعت حقوقهم» وأملاكهم وحياتهم، نتيجة ثغرة ما زالت قائمة في قوانيننا، وفي إجراءات التقاضي، حيث ثمة طبقة من الناس، انحرفوا عن السوية نتيجة ظرف أو هكذا خلقهم الله «حلفاء للشيطان»، يخربون ويدمرون في الدنيا، ويكونون أخطر ما يكونون حين يملكون سلطة ما، فهناك بلطجية ومجرمون، أرباب أسبقيات، يفهمون بالقانون والقضاء أكثر من غيرهم، وكثير منهم وهبوا أنفسهم للشر، بل إنهم ألفوا الجريمة فأصبحت بالنسبة لهم عملا، و»بزنس» يستثمرون فيه، وهؤلاء يمكنهم ببساطة ترتيب «كيديات» لظلم أشخاص يعرفونهم أو لا يعرفونهم، ويمكنهم أن يفعلوا ما يقوض حكومات ودولا، لا سيما حين لا توجد حدود أخلاقية أو مبادىء في حياتهم .. يشهدون زورا، يدبرون جريمة ويصنعون كل أركانها ليورطوا بريئا أو غبيا، وفي النهاية يقال لهم «القانون لا يحمي المغفلين» .. وبتصير.. والحياة قاسية ...الخ عبارات التسليم والعجز والرضى بحكم البلطجة والزعرنة.
المجرم، والمنحرف، حين يعرف القانون وأحكام القضاء، يصبح «بلدوزر» تائها، يحطم كل أشكال الحياة والاستقرار ويصادر أمن الناس وحياتهم، ويفقدون الأمل والإيمان بكل شيء، ويوجد في أروقة القضاء وعتمات السجون الكثير من الأمثلة، لضحايا البلطجة وقلة الضمير، الجناة الحقيقيون فيها «شوية بلطجية وزعران وقليلي ذمة وضمير»، دبروا الدسائس والمكائد وخدعوا القانون نفسه والأمن ورجاله، وقدموا للقضاء أدلة وقرائن تثبت أن البريء مجرم، والمجرم صديق للعدالة والأمن ..
هل أخبركم عن مثال تتجلى فيه كل هذه المفارقات؟.. المدمن على المخدرات، هو شخص مريض وضحية، تطحنه القوانين والبطولات فيغدو مجرما فتاكا خطيرا في نظر القضاء وحكم القانون، بينما هو الضحية التي باءت بكل تلك المفارقات، ويحتاج علاجا وليس حكما بالإعدام والنفي من الحياة.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي