الجمعة 2024-12-13 16:39 م

خبراء يدعون لوقف التجاوزات بحق العاملين في عطلة عيد الأضحى

11:51 م
الوكيل الاخباري 

 لا مجال للثلاثيني مصطفى سمير، العامل في أحد محلات الألبسة الراحة طيلة يوم "وقفة عرفة" الذي يصادف يوم غد السبت.


فالعمل على مدار الساعة دون توقف في ظل إجبار صاحب العمل له ولزميله بالعمل في ذلك اليوم المتوقع فيه زيادة الإقبال والبيع والشراء، فيمضي بقية اليوم الأول للعيد، طريح الفراش، من شدة التعب، ومن ثم يستأنف العمل في باقي أيام العطلة الرسمية.

وقال سمير " لا مجال لي للشكوى فالعين بصيرة واليد قصيرة، ورغم حصولي على لقاء عملي الإضافي على النُذر اليسير، إلا أن الراتب بمجمله شحيح ولا يكفي لسد الرمق، والشكوى في مثل هذه الظروف يعني فقدان الوظيفة حكماً". وفي الوقت الذي يسرد سمير معاناة حاله كحال الكثيرين من العمال، يرى قانونيون ومسؤولون معنيون ، أن بعض أصحاب العمل لا يعترفون بالعطلة الرسمية، غير آبهين بتطبيق القانون ودفع بدل العمل الاضافي وفق ما ورد في قانون العمل الأردني، واعتبروا ذلك خرقا للقوانين وحقوق الإنسان.

وقال رئيس مؤسسة بيت العمال أمين عام وزارة العمل السابق المحامي حماده أبو نجمة ان المادة 95 من قانون العمل اعطت العامل الحق في ان يعطل في ايام العطلة الرسمية والتي يعلن عنها في بلاغ رسمي يصدر عن رئاسة الوزراء، وإذا عمل فيها لابد أن يأخذ أجراً إضافياً مقداره 150% من أجره المعتاد عن ذلك اليوم، وفق قانون العمل الأردني، فإذا كان مقدار راتبه عشرة دنانير باليوم الواحد، فإنه يستحق أجراً إضافياً مقداره 15 ديناراَ.

وأشار إلى أن راتب العامل الشهري يشمل راتبه عن ايام العطل الرسمية دون ان يداومها وانه في حال دوامه في اي يوم فيستحق الاجر الاضافي المتحصل عن ذلك اليوم او الايام التي عمل بها اثناء العطلة وذلك زيادة على راتبه المعتاد، مبينا انه يجب ان يدفع للعامل اجوره واجور العمل الاضافي خلال مدة لا تزيد عن سبعة ايام من تاريخ استحقاقه .

وأضاف أنه في حال التأخر عن دفع ذلك الاستحقاق من الأجر الإضافي، فإنه يحق للعامل تقديم شكوى، والمطالبة بالمبالغ والتعويض من خلال سلطة الأجور في وزارة العمل، المعنية بالنظر في دعاوى الأجور وأجور العمل الإضافي.

وبين أن سلطة الأجور في هذه الحالة تحكم للعامل بالأجور الإضافية اضافة الى الحكم على صاحب العمل بتعويض يساوي قيمة الاجر الاضافي غير المدفوع او اقل من ذلك.

وأشار إلى أن امتناع صاحب العمل عن دفع العامل لأجوره الإضافية يعد شكلاً من أشكال الإستغلال المخالف لقانون العمل ولحقوق الإنسان، فحقوق العمل جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، واكدت عليه كل المعاهدات الدولية في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الاقتصادي والاجتماعي، واتفاقيات العمل التي أصدرتها منظمة العمل الدولية، إضافة للمادة (23) من الدستور الأردني والتي وضعت قواعد حماية العاملين في حقوقهم بالراحة والإجازات.

وأوضح أن القانون لم يحظر صراحة تشغيل العامل خلال عطلة العيد، خاصة إذا استدعت الضرورة ذلك، غير أن على صاحب العمل مراعاة ظروف العامل وإمكانيته في العمل في ذلك اليوم، مبيناً ان الأصل في العيد أن يقضيه الناس في ممارسة الشعائر والتقاليد الإجتماعية والزيارات.

وبين أنه في حال اتفاق صاحب العمل مع العامل على إعطائه اياما إضافية للتعطيل عوضاَ عن أيام دوامه أثناء عطلة العيد، فإن ذلك الإتفاق يعتبر غير عادل، إذ أن استبدال يوم العطلة بيوم آخر يمثل تعويضاً للعامل بنسبة 100%عن ذلك اليوم، وهو مخالف لما أوجبه القانون بأن يتم تعويضه بأجر إضافي مقداره 150% من الأجر المعتاد.

وأوضح أن هناك تجاوزات كثيرة في هذا المجال، منها ما يتم تعطيل العاملين لمدة يوم أو يومين، ومن ثم يُفرض عليهم العمل في باقي أيام العطلة دون احتساب أجر إضافي، لعدم اعتراف كثير من أصحاب المؤسسات بالعطل الرسمية .
وأضاف أن هناك عقود عمل تتضمن شرطاً بأن يكون مجموع أيام العطل الرسمية التي يعطلها العامل أقل مما يقرره مجلس الوزراء، كأن تكون فقط ثمانية أو عشرة أيام من أصل إجمالي العطل الرسمية المقررة والبالغة 15 يوما في السنة، وهو شرط يعتبر باطلاً ومثل انتهاكاً صارخاً ومخالفةً للقانون، وكذلك العقود المتضمنة موافقة العامل على عدم تقاضي الأجر الإضافي عن أيام دوامه في العطل الرسمية.

وأشار إلى أنه في حال توقيع العامل على تلك العقود، فإن العقد يعتبر باطلاً وغير ملزم قانونياً.

وأضاف أن 90% من المؤسسات العاملة هي من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وأغلب أنظمتها وممارساتها غير واضحة لدى الجهات الرسمية، ومن الصعب مراقبتها دون إبلاغ العامل المتضرر عن أية مخالفة قانونية أو تجاوزات بحقه.

وقال:" ليس من الصحيح أننا من أكثر دول العالم تعطيلاً سواء (العطل الرسمية أو الإجازة السنوية) فمجموع العطل للعامل الأردني 29 يوماً فقط، منها 15 يوما لعطل رسمية ودينية، و14 يوما إجازة سنوية، بينما توجب معايير العمل الدولية وفقا ل(اتفاقية العمل 132) ان لا تقل مدة الإجازة السنوية عن ثلاثة أسابيع".

وأضاف أن الجزء الأكبر من العاملين في القطاع الخاص يتم تعطيلهم خلال الأسبوع الواحد بيوم واحد فقط، بينما في كافة الدول الغربية ومعظم دول العالم هي بمعدل يومين.

واشار الى أن عدد ساعات العمل الأسبوعية في معظم دول العالم فقط 40 ساعة أو أقل، منها ألمانيا واليابان وسنغافورة وبريطانيا والولايات المتحدة، وفي فرنسا 35 ساعة، واستراليا 38 ساعة، بينما في الأردن 48 ساعة، وعلى هذا فإننا نداوم أكثر في الساعات وفي أيام الأسبوع، فالإجازات أقل والعطل الرسمية أقل كذلك من المعدل الدولي.

وأوضح أنه من الثابت علمياً أن فترة الراحة ضرورية للعامل، فالمعايير الدولية تتيح للعامل الراحة كشرط أساسي لأداء العمل والإنتاجية، حيث توجد دراسة دولية تشير إلى أن العامل الذي يرتاح أكثر فإن انتاجيته تكون أكثر، والعكس صحيح، وخير مثال في ذلك كوريا الشمالية التي تعد من أخفض دول العالم انتاجية، نتيجة الدوام لساعات طوال تتجاوز الخمسين ساعة في الأسبوع.

فمعايير العمل الدولية – حسب أبو نجمة- تمنع العمل لمدة 12 ساعة في اليوم الواحد، وهذا يعني استنزاف أكبر من طاقة العامل.

ودعا إلى تعزيز الوعي القانوني والحماية القانونية في ظل وجود مليون و400 ألف عامل في القطاعين العام والخاص، وتوعيتهم بحقوقهم القانونية من خلال الأساليب والتطبيقات الإلكترونية الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، وتوصيل المعلومة من خلال النقابات العمالية في رعاية حقوقهم والدفاع عن مصالحهم، وتوعية أصحاب العمل كذلك على حد سواء بحقوقهم وواجباتهم، كي لا يقعوا نتيجة عدم المعرفة القانونية بالانتهاكات والمخالفات القانونية.

وقال الناطق باسم وزارة العمل محمد الخطيب ان ما ورد في البيان والبلاغ الرسمي عن العطلة الرسمية ينسحب حكما على القطاع الخاص.

وأضاف أنه في حال رغب العامل بالعمل خلال العطلة الرسمية، فإن على صاحب العمل إعطاء الأجرة الإضافية للعامل، فعطلة العيد حق للجميع، وتنص المادة 59 / ب من قانون العمل - إذا اشتغل العامل في يوم عطلته الأسبوعية أو أيام الأعياد الدينية أو العطل الرسمية يتقاضى لقاء عمله عن ذلك اليوم أجرا إضافيا لا يقل عن ( 150% ) من أجره المعتاد .

وأوضح أنه تمت مخاطبة الجهات ذات العلاقة الممثلة لأصحاب العمل والعمال، للتقيد بالبلاغ وتعميمها على الجهات المنضوية تحت مظلتهم.

وبين أن ما يقوم به أصحاب العمل بفصل العامل أو تهديده بالفصل حال عدم استجابته للدوام أثناء العطلة الرسمية، يعتبر إجراء مخالفا للقانون.

ودعا العمال والموظفين الذين تم انتهاك حقوقهم الى مراجعة أقرب مديرية عمل، لاستقصاء الشكوى والتعامل معها بسرية.

وقال الخبير والمحلل الاقتصادي، نائب رئيس غرفة صناعة عمان المهندس موسى الساكت، أنه لابد من مراجعة أيام العطل الرسمية في الأردن، بحيث يجب تحديدها واقتصارها على العطل المهمة كالأعياد الدينية، وكذلك تلك البلاغات المتعلقة بالمنخفضات الجوية، إذ يتم تعميمها على مناطق المملكة كافة، بيد أن المنخفضات في أحيان تصل لمناطق في المملكة دون أخرى، فيضطر صاحب العمل إلى دفع الأجور الإضافية لعماله بما يثقل كاهله.

وأشار إلى أن العامل هو الحلقة الأضعف، فيضطر للعمل أثناء العطل الرسمية بأمر من صاحب العمل، مفضلا عدم تقديم الشكوى لدى وزارة العمل في حال عدم دفع أجوره الإضافية، حفاظاً على وظيفته.

وبين أنه ليس هناك ما يمنع العامل من العمل في العطل الرسمية، فهي فرصة إضافية للحصول على مزيد من الأجر، فراتبه ودخله محدود ولربما لا يكفي للشهر الواحد من التزامات وأعباء مالية، متفقاً مع نسبة الأجر الإضافية وفق ما ورد في القانون، باعتبارها منصفة وعادلة.

ورأى أن العطل تؤثر على الإنتاجية، فالإنتاجية متدنية ولرفع الإنتاجية لابد من تحفيز الحكومة للقطاع الخاص على إعادة النظر بالضرائب والرسوم.

رئيس اتحاد نقابات العمال مازن المعايطة قال ان المؤسسات التي تجبر العاملين لديها للعمل خلال العطلة الرسمية أو جزء منها، يحرر بحقها مخالفة قانونية.

وأضاف أن أغلب المخالفات تأتي من الجهات والقطاعات غير المنظمة بما فيها المؤسسات والمنشآت الصغيرة.

ودعا إلى زيادة الأجر الإضافي للعامل إلى 200% بدلا من 150%، لما يبذله العامل من مجهود مضاعف خلال عطلته الرسمية.

واهاب المعايطة بأصحاب العمل عدم اللجوء إلى الممارسات غير القانونية بحق العاملين، ذلك أن العامل شريك اجتماعي، وربحية المؤسسة هي من جهد العامل فيها.

وقال رئيس المرصد العمالي الأردني أحمد عوض أن العمل في الأعياد الرسمية دون مقابل عن العمل الإضافي، بات ظاهرة منتشرة في القطاعات الصغيرة والمتوسطة.

وأضاف أن عمل العاملين في العطلة الرسمية يأتي وفقا لما تستدعيه الضرورة على أن يتم تعويضهم عن أيام العمل الإضافي.

ودعا الجهات المعنية الى تكثيف الرقابة والتفتيش للتحقق من دوام العاملين في العطل الرسمية ومدى التزام أصحاب العمل بإعطاء الحقوق اللازمة لعامليهم وموظفيهم .

وبين أن الجزء الأكبر من العاملين غير مدركين لحقوقهم، فيما يبقى الجزء الآخر خائفا من تقديم شكوى بحق صاحب العمل لضمان البقاء في وظيفته، مما يجعل بعض اصحاب العمل في القطاع الخاص يتمادون بحق عامليهم في ظل ضعف بعض النقابات.

وقال" ان لجوء تلك المؤسسات إلى إجبار موظفيها على العمل أثناء العطلة الرسمية في ظل مطالبات رجال الأعمال بتخفيض عدد أيام الإجازات السنوية، باعتبار أن العطل الرسمية في الأردن أكثر من غيرها من الدول الأخرى، هو موقف غير مبرر، فالعطل لدينا في إطار المعدلات الدولية للعطل السنوية، كما أنها أقل من غيرها من دول العالم".

واكد أن العطل الرسمية والدينية حق يتطلب تعطيل العامل، مبيناً أن زيادة الإنتاجية ليست مرتبطة بالعطل فحسب بل بمزيد من تعزيز نظم الإدارة الفاعلة ونظم التفتيش والرقابة والتخطيط والتحفيز والتدريب ووضع الخطط الاستراتيجية والتنفيذية.

بترا
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة