جنوح السفينة العملاقة في قناة السويس ينذر بأزمة تزود عالمية. عشرات سفن الشحن، وربما أكثر محملة بألوف الأطنان من حاويات البضائع تتراكم في الممر المائي الأهم في العالم.
كان الاعتقاد في البداية أن قطر الباخرة الأكبر في العالم وفتح القناة في متناول اليد خلال يومين أو ثلاثة، لكن كل المحاولات باءت بالفشل، رغم الاستعانة بخبرات عالمية. الأسواق العالمية بدأت تتحسب لأزمة خانقة ستكون لها تأثيرات بالغة على تدفق البضائع، وكلف الشحن والتأمين، وقد تمتد للبورصات العالمية.
السفينة الجانحة وحسب تقارير عالمية هي الأضخم على الإطلاق، وتحمل على متنها نحو 17 ألف حاوية، ويعادل طولها أربعة ملاعب كرة قدم، وقد قادها حظها السيئ للارتطام بحافة القناة بفعل أحوال الطقس السيئة التي سادت الأسبوع الماضي وتسببت بتعليق الملاحة في القناة والموانئ المحيطة.
الأسواق في حال من الترقب والقلق، ومع تضاؤل فرص تحريك الباخرة في وقت قريب، بدأت الحاسبة في إحصاء الخسائر، فيما الحكومات تنظر بالحلول المقترحة لتجنب نقص السلع في المتاجر ومحال التجزئة. في البداية قلل مسؤولو الملاحة الأردنية من تأثير الأزمة على السوق الأردني، لكن سرعان ما تبين عدم دقة تقديراتهم. أحدث المعلومات تشير إلى وجود ما لايقل عن 17 باخرة محملة بالبضائع للسوق الأردني، عالقة حاليا في قناة السويس معظمها تحمل أطنانا من اللحوم والعجول الحية المعدة للذبح، إضافة إلى أنواع شتى من البضائع المطلوبة للأسواق.
يمكن تدبر الأزمة بأقل الخسائر إذا ما تم تحريك الباخرة سريعا، لكن في حال طال أمد الأزمة أكثر، يتعين على المسؤولين التحرك لتدارك آثارها، خاصة وأننا على أبواب شهر رمضان، الذي يتسم بطلب مرتفع على السلع الغذائية وبشكل خاص اللحوم. ملامح القلق بدت واضحة على السوق الأردني في الساعات الماضية، وثمة خوف من نقص في المواد المطلوبة، عادة ما يكون رد الفعل عليه زيادة في الطلب والتخزين، تؤدي بالضرورة إلى رفع الأسعار.
يتطلب الأمر من الجهات المختصة التحرك لبث رسائل التطمين للمستهلكين، والبحث عن مصادر بديلة لتوفير احتياجات السوق، وفي نفس الوقت، مراقبة الأسواق بشكل حثيث ومستمر، للحؤول دون استغلال الأزمة من طرف بعض التجار لزيادة الأسعار دون مبرر. يمكن على سبيل المثال اتخاذ قرار مستعجل بوقف تصدير الخراف المحلية إذا اقتضت الضرورة لكبح جماح الأسعار وزيادة المعروض من اللحوم في الأسواق. وفي المقابل، منع احتكار المواد من طرف التجار وتخزينها لاستغلال الأزمة ورفع الأسعار في الأسابيع المقبلة. دائما ما كانت بداية شهر رمضان تمثل تحديا لجهاز الرقابة في وزارة الصناعة والتجارة، وفي السنوات الأخيرة ساهمت التدخلات الحكومية الصارمة، وحضور المؤسستين العسكرية والمدنية في كسر الاحتكارات وتوفير السلع والمواد الغذائية بأسعار مقبولة للمستهلكين. ينبغي تفعيل هذه الأدوات حاليا مع تفاقم أزمة السويس، ومراجعة بروتوكولات المراقبة والمتابعة لضمان السيطرة على الموقف قبل أن تتحول أزمة القناة إلى أزمة داخلية.