في تعليقها على مقالتي حول أعطاب الأحزاب الخمسة يوم أمس، طالبتني عبلة أبو علبة المناضلة الحزبية الخبيرة، بأن «أضع تصورات الوقاية من هذه الأعطاب، حتى لا تبدو الصورة متشائمة».
وبنفس الواقعية والإيجابية سأقدم التصورات التي طالبتي بها، وأبرزها 4 هي:
1- دور الانتهازية السياسية.
2- دور المال السياسي الحرام.
3- الإحجام عن الدخول في الأحزاب، بسبب العقوبات التي طالت الحزبيين وذويهم، وثقافة التحذير من خطر «الأحزاب الهدامة» التي عمرها اليوم 70 سنة. وبسبب الشكوك النمطية في نوايا من يبشّرون بالأحزاب.
4- تفشي البطالة والفقر، والانشغال بلقمة العيش وحبة الدواء وفاتورة الكهرباء والأقساط، وغيرها من الهموم اليومية.
في المعضلة الأولى علينا العمل بلا هوادة، لمنع الانتهازية السياسية من تحقيق أهدافها، المتمثلة في إحالة عطاء بناء الأحزاب السياسية الجديدة عليها بالتلزيم. فأية محاولة لتخليق الأحزاب، ستحقق إزاحة قوى المجتمع الحيوية، الحريصة على نمو الاحزاب الطبيعي، بعيدا عن الولادة القسرية.
ويجدر كشف وشكم، من يحاولون ضرب التنافسية الوطنية النزيهة لإنشاء الأحزاب الوطنية، بزعمهم الحصول على الأضواء الخضراء وحصرية التمثيل.
أمّا المال السياسي، فَلَه في معظم أنواع الانتخابات، دور مؤثر في تنجيح إِمّعات وتسقيط قامات، وهو ما لم تردعه أو تحد من تأثيراته التخريبية، الهيئاتُ والقوانينُ والفتاوى والخطبُ والمواعظُ والندواتُ والمقالاتُ والكاريكاتورات.
أما ما بعد الدخول في الأحزاب، فمن الطبيعي أن نصطدم حين الوصول إلى استحقاق انتخاب قيادات الأحزاب، بمؤثرات البُنى الاجتماعية الثقافية السائدة، والتدخلات المتعددة، والتحشيد على هوية الولاءات الإقليمية والجهوية والطائفية، بدل التيارات الفكرية والقضايا الوطنية، التي زعم مؤسسو الأحزاب الانطلاق منها.
ويجدر أن يستقر لدى أعضاء الحزب الجدد، أن الحزب هو أن يتخلى كل عضو عن جزء بسيط من حريته لتتشكل من مجموع ذلك، قوة هائلة هي قوة القرار الجماعي المشروط بـ: الرضوخ له، والعمل من أجله، كأنه يحقق لكل عضو مصلحة شخصية.
إن وضع التصورات مهمة صعبة، تقوم بها فرق وورشات عمل، في قرى هام وشيظم ونادرة والصبيحي وجدعا والراجف والقويرة، وفهمكم كفاية.