ورشات عمل طرق وبنية تحتية في كل زاوية من عمان. أعمال الباص السريع على قدم وساق بالاضافة لمعالجات مرورية للنقاط الساخنة من الازمات. هذه الاعمال تسببت بأزمات سير خانقة فعمان مكتظة والتنقل فيها بات شبيها بعواصم كنا نرى ونسمع ما لا يصدق عن أزمات السير فيها مثل القاهرة ودمشق. الأردنيون، ورغم انزعاجهم من الازمات المرورية التي لم يعتادوا عليها بهذه الحدة، الا انهم يقدّرون أن هناك أعمالا تتم ويأملون بصبر أن تنتهي هذه الورشة العمانية بحلول لمشاكل السير والمرور. نجحت أمانة العاصمة بالتواصل مع الناس وشرح ما يحدث والطلب من سكان عمان الصبر لأزمان محددة لإنجاز المشاريع، واشتبكت مع ملاحظات الرأي العام بطريقة مقنعة ليس دفاعية شخصت الحقائق كما هي وتحدثت بالأرقام والأزمان.
كل هذا جيد والمزاج العام بالمجمل يتفهمه بانتظار الانتهاء من المشاريع. المشكلة كما أراها قادمة لا محالة، أن لا الباص السريع ولا الحلول المرورية التي ستتم سوف تخلص العاصمة عمان من أزمات السير على نحو سحري. الازمات ستستمر ولكن بحدة أقل فعمان ببساطة مدينة فيها أربعة ملايين ونصف المليون نسمة وهذا رقم كبير بمقياس المدن عالمياً. ثم لا ننسى أن مشروع الباص السريع هو المرحلة الاولى من ثلاث مراحل للباص كما كان مصمماً، لذلك فهو لن ينهي مشكلة النقل والازدحامات بالمطلق. مشروع الباص السريع سيزّود سكان العاصمة المحتاجين لسبل نقل عامة بوسيلة نقل محترمة ومنتظمة يعتمد عليها، والامل ان هذا الاسلوب من اساليب النقل سيقلل من ميول العمانيين لاستخدام سياراتهم الخاصة، لكن لا احد يستطيع ضمان حدوث ذلك في ضوء قلة التكلفة لاقتناء بعض السيارات الصغيرة التي تغري مالكيها على التنقل بواسطتها وليس من خلال الباص السريع. بعض التوقعات تذهب إلى أن الباص السريع اخذ من مساحات الشوارع القائمة حاليا لذلك فوجوده حكما سيزيد الازدحام، وهذا منطقي ومتوقع.
بالتزامن مع مشروع الباص السريع كان لا بد من التفكير بطرق لحث الناس، خاصة أبناء الطبقة الوسطى العمانية، على عدم اقتناء السيارات والاكتفاء بوسائل النقل العامة. هذا لم يحدث ولا يبدو الباص السريع مغريا للطبقة الوسطى في عمان للاستغناء عن سياراتهم الخاصة. في دول اوروبية الحال مختلف، فاقتناء السيارة بين تكلفتها وبنزينها وصيانتها واجور المواقف لها مكلف جدا لذلك فوسائل النقل العامة مغرية ماليا. قرار يتيم هدف لتقليل أعداد السيارات بشوارعنا كان ذلك الذي خفض العمر المسموح لاستيراد السيارات من عشر سنوات لخمس والآن أقل. هذا رفع من كلفة السيارات الرخيصة المستوردة ما قلل أعدادها بعد ان كانت عمان مكبا للسيارات النافقة في بلدان تصنيعها.
نحتاج ضبط سقف التوقعات مما هو متوقع من الباص السريع، والتفكير بقرارات مصاحبة تخفف على الناس عناء الازدحامات وتقلل اعداد السيارات في شوارعنا.