الإثنين، 28-06-2021
12:46 ص
لم يعد من الممكن ـ بالنسبة لي على الأقل ـ وتحديدا في هذه الحقبة من الزمن، تحمّل الجلوس مع شخص أو أشخاص «نكدين» ، من أصحاب فلسفة «النكد للنكد» على غرار «الفن للفن».
فلا المجال ولا العمر ولا الخبرة تسمح بمصادقة واحد لا يرى من الدنيا الا الحزن والغمّ (عمّال على بطّال). فأنا مش ناقص همّ. عندي أقساط بيت ـ مدى الحياة ـ، وعندي فواتير كهرباء وماء وانترنت وتلفون أرضي وتلفونات خلوية وعندي «مليون» شغلة لو فكّرت بربعها، مُتِتْ من زمان.
لكن وكما يقولون «تجري الرياح بما لا تشتهي السيارة». لأنه ما في «سُفُن» عندي.
تتفاءل بشخص ما ويرجوك «ستين» مرّة لكي تزوره وتشرب معه «كبّاية» شاي. وحتى لا يتّهمك بالتعالي عليه، توافق. وتحمل «أرجيلتك» وهي أغلى ما تملك، وتذهب لقضاء ساعة زمان معه ولكي يصير بينكم «شاي وأرجيلة».
ما أن تفتح فمك لكي تجامله، يبدأ بسؤالك عن «راتبك».. تفضّل هالسؤال؟
وطبعا هذه مصيبة بحد ذاتها. ثم يسألك عن «عمرك».
تخصم «عشر» سنوات وتقول له «الأعمار بيد الله».
يأتي بالشاي، وقبل ان يحرّك السكّر في الكاسة ، يقول لك «لا تكثّر سكّر» ، الناس الكبار في السن ، مش لازم يكثّروا سكر ولا ملح.
ويضيف: «شايفك ساكت، وبعدين شو اللي انت حاطه برقبتك» ؟،.
تقول له : هذه صورة «جيفارا». طبعا تكتشف أنه لا يعرفه. ويسترسل: طيب هاي ضرورية تحطها برقبتك؟. ويضيف:» إنت زلمة كبير مفروض تكبر على شغلات الاولاد».
تحاول ان تبحث عن «شيء مشترك» لكي تستمر الجلسة.
تسأله عن عمله. يبدأ بالشكوى. وينشغل عنك ب «الموبايل» ـ قال يعني الاخ «مُنهمك» بالعمل.
تحاول نقل الحديث عن «كأس العالم» و «كرة القدم». تتفاجأ بأنه لا يحب الرياضة ـ مع انه يصغرك بعشرين عاما على الأقل. وحتى لا تلتقط أنفاسك ، يواصل «نَكده» ومحاصرتك قائلا : معقول بتحب كرة القدم ، هاي لعبة الأولاد الصغار.!
.. يا رااااجل ؟
تبتلع ريقك بصعوبة وتشعر أن الرجل يسعى الى «تدميرك». وتنفخ في الهواء قائلا : «شو جابرني على هالعذاب»؟.
تستأذن بالمغادرة لأنك «لا تسهر وتنام مبكرا».
فيقول: «طيب لما تنام بدري شو بتستفيد، خليك سهران، والا صحتك تعبانة؟
تقوم وأنت تهلوس:
يا عمي أنا شكيتلك؟
ارحمني ،
اطلع من راسي.
زهقت.
خنقتني.
هوا.. هوا..