الأحد، 31-05-2020
04:19 م
بما أن أرقام البراغي غير مشمولة في ترتيب الزوجي والفردي، أستطيع هنا الاستشهاد بأي برغي، وأي نوع منها دون اية محاذير واتهامات بخرق الحظر.
كتب أنطون تشيخوف قصة قصيرة رائعة حول موظف مخلص في عمله. والقصة تصلح لكل زمان ومكان... لكأنها مفصّلة له بالتمام والكمال، وقد قرأتها قبل عقود، لكني أتذكر فكرتها وسوف اسردها لكم هنا بأسلوبي الحلمنتيشي، وقد اعذر من أنذر:
موظف حكومي أصيب بالحمى المالطية، وخلال إجازته المرضية صار يفكر ويقول في نفسه:» ما أنا إلا برغي صغير في هذه الحكومة، إلا ان لي دورا مهما في عملية البناء، فجميعنا من رئيس الحكومة حتى الفرّاش نؤدي أدوارا مهمة في تشغيل محرك للتقدم في المجتمع. ولو أدى كل برغي فينا، صغيرا كان أم كبيرا، دوره بكل جدية وإخلاص، فهذا معناه التقدم السريع للمجتمع إلى الأفضل.
بناء عليه، فقد قطع الموظف إجازته وعاد إلى دائرته وقد تغيرت طباعه، وصار يعمل بكل جدية وإخلاص وينهي معاملات الناس بكل سرعة وكفاءة وبدون أي تأخير، وصار ينظر شزرا إلى زملائه الذين كانوا ينهمكون في حل الكلمات المتقاطعة أو يتأخرون عن الدوام أو يعيقون معاملات المواطنين. وصار يشكوهم إلى رئيس القسم، ولم يكتف بذلك، بل كان يقوم بأعمال المتقاعسين، أو المتغيبين منهم.
في البداية ارتاح مسؤول القسم لتصرفات الرجل واحترمه، بينما خاف منه الزملاء، لأنهم اعتقدوا انه مدعوم تماما. لكن بعد فترة انتقل الخوف إلى رئيس القسم الذي خشي ان يحتل هذا الموظف النشيط مكانه. ثم انتقل الخوف من هذا الموظف إلى رئيس الدائرة ثم إلى المدير العام ثم إلى وكيل الوزارة .... ثم إلى الوزير.
......هكذا تم (ترميج) الموظف البرغي وهو في عز شبابه وعطائه ، لأنه كان برغيا صغيرا خارج إطار الحركة المتفق عليه.
وتلولحي يا دالية