الأربعاء 2024-12-11 17:47 م

بزنس ووطن وحليب ولبن

02:58 م

بداية؛ ليستا شتيمتين، لا البزنس ولا الوطن، بينما قد يكون الحليب واللبن شتائم قاسية..

الوطن، ومصالحه تتطلب تنفيذ كل التوجيهات التي يطلقها صانع قراره، لذلك مطلوب منا أن ندعم ونشجع الاستثمار في كل مجال، نشجعه لكن ليس الى الحد الذي يتغول فيه، ويغدو معه شكلا من أشكال الإستعمار والإحتكار، ولا أتحدث هنا بنزعة إتهامية مطلقا، لكنني أحاول أن أثبت أن الوطن يحتاج المزيد من البزنس، ضمن المحافظة على اشتراط بسيط، وهو أننا نفعل ذلك لخدمة بلد، بكامل مواطنيه وقطاعاته الانتاجية الوطنية المحلية، وليس فسح المجال لمن يملك، ليتم تحييدها وإخراجها من المنافسة بل الحياة وبالتالي حرمان الوطن منها..



أما عن الحليب واللبن، فلدينا قطاع كبير يعتمد على الحليب وينتج مشتقاته الكثيرة، التي تغطي نسبة عالية من طلب أسواقنا المحلية، وهو قطاع يجمع مستثمرين، لديهم شركات كبيرة، ومصانع ألبان، ومزارع فيها عشرات الآلاف من رؤوس الأبقار، وفي القطاع أيضا جمعيات زراعية تضم مربي أبقار، لدى بعضهم أكثر من الف رأس من البقر المنتج للحليب، وثمة مزارعون لديهم عدد قليل من الأبقار، ومن بينهم من لديه رأس أو اثنين، وكل هؤلاء يعتمدون على حليب الأبقار وتسويقه أو في صناعاتهم الغذائية، فهم من يوفر لنا (اللبن واللبنة والجبنة البيضاء)، وقلما يوفروا لنا غيرها، وهذه قصة أخرى، بعيدة عن تفكير المستثمر، ويحتاج المزارع البسيط أدوات وبنية تحتية لصناعتها بمستوى منافس للسلع العالمية، لكن السؤال : ما المانع في أن تتوجه المصانع الكبيرة الى انتاج أصناف جديدة مطلوبة لسوقنا المحلية وللأسواق الخارجية؟!.

الحكومة ملتزمة بالسر والعلن في ترجمة وتطبيق التوجيهات الأردنية التي تحدث بها جلالة الملك أكثر من مرة، وهي المتعلقة بتطوير وتحسين الانتاج المحلي، لتحقيق مزيد من أمن غذائي، والبحث عن أسواق تصديرية جديدة، وتنمية وتطوير العمل على سلاسل القيمة والاهتمام بالقيمة المضافة، التي تفتح آفاقا للعمل والتنمية بمختلف أشكالها، لكن الملاحظ على جهود الحكومة هذه المرة التزام من نوع آخر، فهي لا تتخذ قراراتها غيابيا، ودون الوقوف على أفكار وحاجات وآراء الأطراف الفاعلة في أي قطاع زراعي.
تسعى الحكومة اليوم ومن خلال وزارة الزراعة، لمزيد من مأسسة وتعاون بين أطراف عملية صناعة الألبان، وتتواصل مع المستثمرين الكبار ومع المزارعين الذين يملكون حيازات قليلة أو كثيرة، وتحاول تفعيل آلية بين هذه الأطراف دون مشاركة الحكومة بالطبع، والغايات من هذا التعاون هي مصالح وطنية بكل تأكيد، حيث تبحث وزارة الزراعة عن حماية للمزارع الأردني من مربي الثروة الحيوانية، الذين يملكون مزارع أبقارا وتنتج الحليب و»البكاكير»..البكاكير جمع بكّيرة، وهي المولود الأنثى للبقر، بعد أن يتجاوز عمرها عام، بل عام ونصف، وتحمي المستثمر للبقاء صامدا، بل ويتمكن من المساهمة في مزيد من التنمية ودعم الاقتصاد الوطني، ويوفر فرص عمل، وكذلك تحقيق الرؤية الأردنية التي تسعى لتحقيق أمن غذائي وتطوير الصناعات الغذائية الوطنية، وكل هذه الغايات من أجل غاية واحدة هي الأسمى، وهي: تحسين حياة المواطن الأردني، بحيث يتناول سلع غذائية سليمة صحيا وبسعر معقول.. وكلها غايات وطنية بديهية، لا يختلف عليها اثنان.

لكن الاختلاف قد يحدث، حين يطغى البزنس على كل المفاهيم، فنحن مثلا لسنا ضد أن تكون لدينا استثمارات عملاقة في صناعة الألبان، لكن هل تستوعبها أسواقنا؟ وهل لا يؤثر فائض الانتاج على الأسعار، بحيث لاتتهاوى الأسعار الى درجة لا يحتملها المزارع والمصانع الأخرى، فتترك المجال للمصانع الكبرى؟!.
كما الجميد والجبنة الصفرا والشدر، فإن التعاون أيضا مطلوب.

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة