الخميس، 07-10-2021
04:22 م
لا يمكن النظر إلى التحول الإيجابي في العلاقات الأردنية السورية بمعزل عن التغيرات الإقليمية والدولية تجاه سورية. جلالة الملك في لقائه مع بايدن قدم قراءة ورؤية أردنية متكاملة للأزمه السورية والمشهد الإقليمي. ويبدو أن هناك تطابقا لرؤية الدولتين حيال سورية. وقد أعلنها الملك عبدالله الثاني في مقابلته مع السي إن إن وهي أن الهدف الآن ليس تغيير النظام السوري وإنما تغيير سلوكه أو إعادة تأهيله.
الرؤية الأردنية ليست جديدة، فقد كان موقف الأردن واضحًا منذ عدة سنوات ولكن يبدو أنه قد حان أوان هذه الرؤية. التغير في الموقف الأميركي لم يأت فجأة، فهناك تيار يتنامى في الإدارة الأميركية يعتقد بأنه لم يعد ممكنًا تغيير النظام في سورية، لا بل إنها قد تكون المفتاح لحل بعض العقد الإقليمية وإنه لا يمكن تحقيق السلام بالمنطقة بدونها.
المصالح الأميركية لحد ما في سورية تنحصر في مكافحة الإرهاب والحد من النفوذ الإيراني والروسي. أما فيما يتعلق بالورقة الكردية فيبدو أن مفعولها قد انتهى بعد انحسار خطر الإرهاب في سورية وأن الولايات المتحدة لن تذهب باتجاه إقامة كيان كردي في سورية نظرًا للمعارضة الشديدة التي تبديها تركيا حيال هذا الموضوع.
السلاح الرئيس ضد سورية ومحاربة النفوذ الإيراني والروسي هو العقوبات الاقتصادية. استمرار العقوبات، علاوة على أنه لم ينجح في السابق، سوف يؤدي لزيادة اعتمادها على ايران وروسيا وليس العكس. العقوبات هي وسيلة وليست هدفًا ولكنها ليست كافية لتحقيق الأهداف والمصالح الأميركية في سورية.
يبدو أن القراءة الإستراتيجية الجديدة تذهب باتجاه إعادة إدماج النظام لمحيطه العربي وغض النظر عن العقوبات ومحاولة تقليل اعتمادها على إيران وروسيا.
لذلك، فالتحول في العلاقة الأردنية السورية والانفتاح الاقتصادي أولًا والسياسي لاحقًا يأتي في هذا السياق ولن يكون الأخير. إذ من المتوقع أن يتبع ذلك خطوات أردنية عربية أخرى باتجاه عودة سورية للحضن العربي من خلال الجامعة العربية والاندماج التدريجي لاحقًا.
الورقة الأخرى التي تمسك مفاتيحها الولايات المتحدة وأوروبا هي إعادة الأعمار. إعادة الإعمار ستكون مسألة معقدة ولن تستطيع إيران وروسيا القيام بها لوحدهما لأنه يتطلب قدرات مالية كبيرة غير متوفرة لدى الطرفين.
المسألة الأخيرة بالتفكير الاستراتيجي الأميركي، مرتبطة بعملية السلام والتي باتت معقدة جدًا ويزيد من تعقيدها وجود سورية خارج المعادلة مع استمرار الوجود الإيراني في سورية وتنامي قوة حزب الله في سورية ولبنان. لذلك لا يمكن أن يكون هناك سلام بدون سورية لأن أراضيها لا زالت محتلة وهي داعم رئيس للقوى المعارضة لعملية السلام وبالتالي يصبح الدور السوري حاسمًا بالنسبة لهذه المسألة.
أردنيًا، عودة العلاقات الأردنية السورية إلى طبيعتها مسألة أكثر إلحاحًا من أي طرف آخر في المنطقة وذلك للنتائج الكارثية للأزمة السورية على الأردن من الناحية الاقتصادية بالإضافة لاستضافة مليون لاجئ سوري. لذا فمن المتوقع أن تلعب الأردن دورًا محوريًا في إعادة تأهيل سورية عربيًا ودوليًا مما يمكنها من قطف ثمار عودة تلك العلاقات إلى طبيعتها.
حتى تتم ترجمة الاستراتيجية الأميركية الجديدة نحو سورية لا بد لها من أن تعترف بالدور الروسي بسورية وأن تلعب دورًا أكثر نشاطًا أقلها على المستوى الدولي مع الحلفاء واللاعبين الدوليين الرئيسين وخاصة لإعادة ترتيب الأوراق بما يتعلق بالملفات الأخرى المرتبطة بالأزمة السورية خاصة فيما يتعلق بالمصالح التركية والكردية.
إن الاستراتيجية الجديدة إذا وصلت لنهاياتها، فقد تستطيع الولايات المتحدة وحلفاؤها تحقيق أهداف متعددة تعيد الدور المحوري للولايات المتحدة في المنطقة وتساهم لتقديم حلول لمسألة التطرف وعملية السلام في الشرق الأوسط والمساهمة في إنهاء مأساة الشعب السوري.