الثلاثاء، 16-06-2020
04:03 م
يواجه الرئيس الأميركي تحديات متصاعدة قللت من فرص فوزه بالانتخابات الرئاسية القادمة. الرئيس يتراجع بمعدل عشر نقاط في معظم استطلاعات الرأي ذات المصداقية عن منافسه الرئيس مرشح الحزب الديمقراطي جوزيف بايدن. بالطبع في الانتخابات الأميركية النظام التصويتي معقد جدا وعلى مرحلتين (Electoral College) لذلك فعلى أهمية استطلاعات الرأي إلا أن الفيصل بالنهاية يبقى قدرة المرشحين على حصد أصوات الهيئة الناخبة لكل ولاية من الولايات الخمسين وليس عدد أصوات الناخبين الأميركيين على المستوى الوطني.
هذه الأحجية الانتخابية الأميركية هي التي جعلت هيلاري كلنتون في الانتخابات السابقة وقبلها بسنوات آل غور أمام بوش الابن يخسران الانتخابات الرئاسية مع أنهما حصلا على أغلبية أصوات الناخبين الأميركيين فقد أخفقا بالحصول على أصوات غالبية الهيئات الناخبة للخمسين ولاية أميركية.
ترامب يواجه وضعا اقتصاديا صعبا للغاية، ومع أنه ليس السبب بتردي الأوضاع الاقتصادية، إلا أن الناس وبسبب سوء أحوالها متوقع أن تسعى للتغيير على مستوى القيادة. الناخبون لن يفكروا أن لا دخل لترامب بحالة التردي الاقتصادي التي يعيشونها وأن السبب في ذلك هو فيروس كورونا، بل هم سيسعون للتغيير أملا بواقع اقتصادي أفضل. لهذا ترى بايدن يركز على إخفاق ترامب في إدارة أزمة كورونا وتأخره وتلكئه في اتخاذ قرارات حاسمة كانت ستجنب أميركا كثيرا من الخسائر الاقتصادية، كما أنه يركز على تعامل ترامب غير المسؤول مع الصين ودورها وكيل الاتهامات لها، بل ويتهمه أنه يعمل على خلق حالة حرب باردة جديدة يحتاجها ترامب ليصطف الأميركيون حوله، مع أن الأصل التحالف والانتفاع من العلاقة مع ثاني أكبر اقتصاد بالعالم الاقتصاد الصيني.
على أهمية الاقتصاد وأثره الحاسم في الانتخابات، إلا أن السبب المباشر وراء تراجع شعبية ترامب في استطلاعات الرأي هو المسيرات وحالة الغضب من مقتل أميركيين سود على يد الشرطة. الرئيس الأميركي أظهر تراجعا كبيرا بمواصفات القيادة المطلوبة في هكذا ظروف، وقد بدا رئيسا تقسيميا انحيازيا وليس قائدا جامعا موحدا لشعبه في ظل الأزمات. كان استفزازيا أكثر منه قائدا يلملم جراح الأقليات من شعبه التي شعرت بالخوف والغضب جراء مقتل أميركي أسود ضمن سلسلة أحداث كانت الشرطة الأميركية فيها تستسهل معاقبة ومهاجمة الأميركيين من غير اللون الأبيض.
هذه الأحداث وما صاحبها من سلوكيات وأقوال للرئيس الأميركي جعلته يفقد أصواتا من الوسطيين الأميركيين غير المتشددين يمينيا وهذه الأصوات غاية في الأهمية لأنها لم تقرر بعد مع من ستصوّت وعادة ما تكون محور التنافس الانتخابي في انتخابات الرئاسة الأميركية بعد انتخابات الترشيحات الحزبية. في ضوء ذلك يبدو بايدن في حال أفضل لاستقطاب أصوات الوسط الأميركي الذي خسره ترامب، وهو يستغل شخصية ترامب وسلوكه ليستقطب مزيدا من الأصوات الناخبة وهو ينجح للآن في ذلك على الرغم من أن المعركة الانتخابية لم تحتدم بعد.