أصبحت أصلي أغلب صلوات أيام الجمع في مسجد بعيد عن منزلي 8 كلم، يقع بجانب الكازية الواقعة على طريق شفا بدران -بيرين، والسبب هو خطيب الجمعة، رجل يعتلي المنبر ويقول كلاما مألوفا طيبا، يشبه ما كان يقوله الخطباء في قريتنا في الكرك قبل أكثر من 30 عاما، وفي الجمعة الماضية، تحدث الخطيب (مبررا) للمصلين، لماذا علينا الدعاء في صلاة الجمعة للجيش وللأجهزة الأمنية والصحية، ولأجهزة مكافحة الجريمة والمخدرات، علما أنه ليس بحاجة لأن يبرر، فمن يتأفف من هذا الدعاء والمواضيع الأمنية الوطنية التي يثيرها الشيخ الخطيب، ومن وجهة نظر عقائدية إسلامية، فهو إنما يعبر عن اغترابه عن هذا الوطن وهذا الدين، وعدم ارتباطه به وبقضاياه.
لو صادفت واحدا من هؤلاء وأراد أن يناقشني بوجهة نظره، بعدم ارتياحه لخطبة خطيب الجمعة حين يتحدث عن مكافحة المخدرات أو أي موضوع أمني اجتماعي آخر، ويتأفف من دعاء خطيب الجمعة لله بأن يحفظ ويقوي شوكة مكافحة المخدرات، لدرء الموت المتأتي من المخدرات عن أبنائنا، لو صادفني مثل هذا الشخص ورغبت أن أقنعه بسلامة وأحقية قول خطيب الجمعة، أو أعلم عن موقفه ورأيه بجهود جهاز مكافحة المخدرات، لهاتفت مدير إدارة المكافحة، طالبا زيارته في مكتبه برفقة رفيق، وفي حال تمت الزيارة، سأسأل هذا الشخص عن قائمة الأسماء المعلقة في مكتب مدير المكافحة، سأقول له إقرأ بعض أسماء شهداء هذا الجهاز، الذين مضوا، وقضوا، دفاعا عن أبناء هذا الشخص وأبنائنا جميعا، حتى لا يقعوا فريسة لهذه الآفة القاتلة..
سأسأله عندئذ: ماذا نقول عن أبناء هؤلاء الشهداء؟ ألا نسميهم أيتاما؟!.. لأية غاية وأية جريمة فعلوها ليفقدوا والدهم، معيلهم، وسندهم..؟!.. ماذا لو ان لك ابنا او ابنة أدمنت المخدرات؟.. ماذا لو كان ابنك شرطيا في كادر المكافحة واستشهد في واجب مقدس خرج خلاله هو وأبناء أردنيون آخرون، يطاردون مروجي وتجار ومهربي هذه الآفة، ليبقى بلدنا ومجتمعنا «قيد النظافة».. ألا تدعو الله له كل يوم بأن يحميه ويحفظه وينصره ورفاقه في حربهم ضد المخدرات ومروجيها؟!.
حمى الله كل جنود الوطن الذائدين عن أمنه وحدوده وعن ارواح وممتلكات وحيوات الناس الآمنين المسالمين القاطنين فيه.
هذه المقالة جاءت ضمن سلسلة المقالات التي كتبت بعضها في هذه الزاوية، لكنها جاءت على هذا الشكل، لأنني غضبت فعلا حين سمعت خطيب المسجد يبرر دعاءه للجيش وللأجهزة الأمنية ولمكافحة المخدرات، هذه أفضل مواضيع تقال في خطبة الجمعة، فقد مرت عليّ سنوات ولم أستمع خلالها لخطبة جمعة اعتدنا سماعها في القرية.. انا بحاجة لأن يستمع أطفالي أيضا لمثل تلك الخطب في المساجد، فقد شبعنا سياسة ومعارضة.. بينما الشر يتمدد.