الثلاثاء، 18-10-2022
04:12 م
في زحمة كل أزمات المنطقة كانت هناك خطوة تفاصيلها اقتصادية لكن جوهرها سياسي أمني وهي الاتفاق اللبناني الإسرائيلي الذي جاء بمسارين: الأول اتفاق على تقاسم أماكن ومساحات التنقيب عن النفط والغاز في البحر، والمسار الثاني كان ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.
الجانب الاقتصادي قرأناه جميعا، لكن الجانب السياسي يحمل اعترافا عمليا بحدود إسرائيل البحرية، وقيمة الاتفاق أنه تم على يد حزب الله ومن خلفه إيران وتحت ظل رئاسة جمهورية لبنانية محسوبة على ما يسمى تيار المقاومة.
كلا الطرفين أعلن أن الاتفاق إنجاز بالنسبة له، وكلا الطرفين واجه معارضة داخلية للاتفاق وهذا متوقع وخاصة في إسرائيل التي تستعد للانتخابات، وحزب الله أعلن على لسان أمينه العام أن الاتفاق إنجاز، طبعا إسرائيل تفضل اتفاقا اقتصاديا ولترسيم حدودها البحرية يكون مدعوما من حزب الله الذي يسيطر على الدولة اللبنانية، تماما مثلما حصلت على هدوء حقيقي على الجبهة البرية منذ أن وافق حزب الله على قرار 1701 قبل حوالي 15 عاما بعد آخر عدوان إسرائيلي على لبنان.
المتحمسون للاتفاق لا يحبون الحديث عن جانبه السياسي والأمني لأنهم لا يريدون أن يقال إنهم أخذوا خطوة تجاه إسرائيل بينما التصعيد الإعلامي ضد إسرائيل مستمر، ولا يريدون القول إن اتفاقات اقتصادية واستخراج النفط والغاز في منطقة واحدة ومقسمة على الطرفين يصنع مصالح مشتركة بين إسرائيل ولبنان يصعب التضحية بها.
لبنان عام 1991 يوم أن كان تحت سيطرة سورية شارك في مؤتمر مدريد للسلام وخاض مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، لكن بسبب الربط العضوي بين المسار اللبناني والسوري وقصة مزارع شبعا التي كانت سورية لكنها أصبحت لبنانية ليكون بين لبنان وإسرائيل أراض محتلة لم يتم استكمال المفاوضات، ولبنان يعترف بإسرائيل في سياق اعترافه بالقرارات الدولية، لكن بعد سيطرة حزب الله على الدولة اللبنانية أصبح موقف حزب الله هو موقف الدولة وبالتالي فإن اتفاق النفط والغاز وترسيم الحدود يعتبره الإسرائيليون خطوة مهمة أمنية وسياسية وهي كذلك.
أحدهم كان يستذكر أنواع السلام.. مثل سلام الشجعان وغيره من أوصاف السلام لكن اتفاق حزب الله وإسرائيل يمكن أن يسمى سلام الغاز أو سلام النفط، وكلا الطرفين خرج سعيدا إضافة إلى سعادة أميركا الوسيط الذي صنع الأمان لمصدر غاز مهم لأوروبا.