الإثنين، 03-01-2022
04:28 م
عادة أدمنتها من سنوات، وهي أن أمارس الطبخ خلال كتابة مقالتي. وطبخة اليوم بسيطة وسهلة، كل ما عليك هو أن تغلي العدس الحب قليلا ثم ترمي فوقه-بقدر حجمه-كمية من الرز المنقوع سابقا، وتترك العدس والرز على النارالهادئة مع قليل من الملح والفلفل ومسحوق القرفة. ثم تقلي شوية بصل وتوصلها إلى درجة قريبة من الاحتراق، وتجهز السلطة وتشتري اللبن من السوق، لتوسيع الخيارات، وتقطّع البصل الأخضر والفجل وتملأ صحن الزيتون من جديد. هذه هي المجدّرة. والأردني اللي بقول إنه ما بعرفها، إيحط عينه بعيني!!.
لا أعرف السبب، لكن الأطفال كانوا وما برحوا يعتقدون أن طبيخ الجارة أفضل وأروع وأزكي من طبيخ الأم، وأنا شخصيا عانيت لسنوات من هذا مع كائناتي، لأني أنا الطباخ المناوب الدائم في البيت.
كنت طفلا (ليست طفولة بالمعنى الحقيقي لكنها مجرد مزغر) ذات قرن، وكنت أعتقد أن مجدرة العدس الذي تطبخه الجارة أفضل من مجدرة أمي، مع أنه من ذات نوع العدس، لا بل أن أمي كانت معروفة كطباخة ماهرة في مجال العدس بأنواعه، بحكم الممارسة الدائمة والدؤوبة.
كانت الوالدة تعتمد حيلة ذكية، قالتها لنا بعدما تجاوزنا مرحلة طبيخ الجارة، إذ كانت (تكفت) طنجرتها المطبوخة في صينية، وتقول لنا أن الجارة أرسلت لنا المجدرة لأننا نحبها، وكنا نأكلها بكل تمتع على اعتبار أنها من عند الجارة. المشكلة اننا كنا نصدق ذلك بشكل شبه يومي وعلى مختلف الطبخات، حتى اننا كنا نعتقد أن الجارة هي طباختنا المعتمدة، وهي أكرم انسان وجد على سطح الأرض.
أدعوكم الى التفكير في هذه القصة من باب الوصفات المتشابهة والموحدة التي يتم تقديمها بصوان متنوعة، وتحل القضايا المختلفة بحلول متشابهة. حلول ذهنية ومديونية تزداد على شكل متوالية هندسية شكلا ومضمونا لكن. وعلى طريقة الماما، بطناجر وصوان مختلفة.
وتلولحي يا دالية