قبل سنوات.. أيّام الحرمان أقصد التي كان يعيشها الغالبية من جيلي و الجيل الذي سبقني؛ لم تكن الفاكهة منتشرةً في الشوارع والبسطات هكذا؛ بل كانت عزيزة بالكاد نراها.. كنّا لا نأكل الفاكهة إلّا كلّ (حين ومين)..! ولا تعجبوا إن قلتُ لكم لأن جيلي يذكر ذلك أن هناك عائلات بأكملها كانت تتقاسم حبّة برتقال واحدة.. أو تفاحة تسنّنها الأم وتوزعها على أبنائها.. وهكذا دواليك..!
كنتُ حينها أسخر ومعي رهطي من المثل الشائع: تفاحةٌ في اليوم تغنيك عن طبيب..! تفاحة في اليوم؟ في اليوم؟!! يا الله..! من يستطيع أن يرى كل يوم تفاحة (على مكملها)..! كانت رؤية الطبيب أهون.. ! من كان يجرؤ ويحمل التفاح في كيس شفّاف مثل اليوم ويدخل به أمام الناس.. أكل الفواكه كان له طقوس سرّيّة أشبه بالاستحمام حين تُغَلِّق عليك الأبواب..!
اليوم.. كل أشكال الفاكهة التي نعرفها ولا نعرفها في كل الزوايا والشوارع والبيوت.. اليوم تستطيع أن تأكل خمس تفاحات في اليوم (على مكملهنّ) دون أن تغلق بابًا واحدًا.. تستطيع أن تنال جائزة رفع أثقال التفاح بكل سهولة..! ولكن العجيب أن كل التفاح الذي تستطيعه اليوم لا يغنيك عن أطباء يجتهدون فيك ولا يجتهدون معك..! (مش يزعلوا الدكاترة.. أنا في حدود الفكرة)..!
سقطت التفاحة التي تغنيك عن الطبيب وصار أطباء سياسة ينتقمون منك ليحرموك من التفاح.