الخميس، 18-02-2021
04:28 م
القاتل المتسلسل، هو قاتل يشعر بالمتعة خلال اقتراف جريمته الأولى، فيشرع في اقتراف جرائم مشابهة تحمل نمطا معينا ومحددا، كأن يقتل الشقراوات اللواتي يشبهن أمه مثلا، أو يقتل فتيات الشارع، او المشردين.
في الكثير من تلك المسلسلات، كان القاتل يشعر بوخز الضمير، لكنه يعجز عن منع نفسه من القتل، لذلك كان يوصل إشارات لا شعورية (أو شعورية) للمحققين، من أجل مساعدتهم على القبض عليه، ومنعه من اقتراف جريمته التالية، لا بل أن بعض هؤلاء كانوا يكتبون رسائل واضحة ومباشرة، يتركونها خلفهم، في موقع الجريمة، ترجو من المحقق أن يقبض عليهم كأن يكتب القاتل على المرآة، بدم الضحية، (أرجوكم ..إردعوني).
هناك ما يسمى ب (التعصب المتسلسل) وهو يشابه إلى حد كبير القتل المتسلسل، لا بل أسوأ منه بكثير، لأنه يؤذي المجتمع بأكمله، ويمتد أذاه عبر الأجيال، وليس إلى عدة أفراد يعدون على أصابع اليد الواحدة والنصف، وسبب اهتمامي بالتعصب المتسلسل هذا أننا نحن، أبناء الضاد وأخواتها، نعاني، بشكل شبه جماعي من هذا التعصب المتسلسل، ونتقاسم الأدوار فيه جميعا ..بين المجرم والضحية ، وأحيانا نتبادل هذه الأدوار، دون أي إحساس بالغرابة أو حتى بالظلم.
أول تعصباتنا تكون في مجال الجنس(النوع)، حيث يتعصب الرجل ضد المرأة ويعتبرها كائنا دونيا، لكنه لا يتورع عن التغزل بها وتحويلها الى كائن محيّر بين الملائكة والبشر، وبعد أن ينال مراده منها يعيدها الى أسفل سافلين، دون أي إحساس بوخز ضمير أو بنكرياس.
ثم تكرّ لائحة التعصبات في متوالية مجنونة لا تبقي ولا تذر شيئا فنتعصب أولا للعائلة، ثم للحمولة، ثم للفخذ، ثم للعشيرة، ثم للمحافظة، ثم للاتجاه (شمالي جنوبي شرقي غربي) ثم نتعصب للدولة ثم للعروبة ثم للدين، من خلال نظرة دونية قاتلة للآخرين.
في الواقع فإن لدى جميع شعوب العالم دوائر تعصبهم، أما نحن فإن سلسلة تعصباتنا المتسلسلة تلك تضرب في عصب الدولة المدنية، فالمتدين – حتى المتدين-يعود لتعصباته الدنيا عند أول تجربة، وكذلك يفعل القومي والشيوعي والعلماني والليبرالي.