الثلاثاء، 19-04-2022
03:10 م
قلّة الشغل تعلم الفنجرة في التلفزيون، لكني لا أتابع الأخبار والتحليلات والخبراء في الشؤون المختلفة، بل أتابع الأفلام والمسلسلات البوليسية. لتفريغ دماغي من وعثاء الواقع البائس، والإسترخاء بعد الصحو، تمهيدا للنوم من جديد.
في هذه المسلسلات، غالبا ما يتم ضم أفراد أو عائلات إلى ما يسمى ببرنامج حماية الشهود، حيث يتم منح العائلة أسماء جديدة وولاية جديدة ومدينة جديدة وبيتا جديدا وعملا جديدا وبطاقات صراف آلي جديدة، كل ذلك على حساب الدولة، لغايات حماية الشاهد لحين تقديم شهادته ضد العصابة، أو لحمايته منها بعد تقديم معلومات تدينها.
مساهمة مني في التخفيف من غلواء الاحتقان السياسي والاجتماعي ولحماية الناس مما يجري حولنا وبيننا، ولغايات بناء علاقات جديدة على أسس جديدة، ولحمايتنا – نحن المواطنين أدناه-لحين توفر الظروف والبيئة والمناخ المناسب لمحاكمة الفاسدين المفسدين. لهذا كله أدعو الى تطبيق برنامج حماية الشهود.
تخيل، عزيزي المبتلى بقراءة هذا المقال، أن تصحو غدا وقد تحول اسمك من سمير الى نوّاش وزوجتك من سهيلة إلى كاترينا وعائلتك من كذا إلى مذا، وكذلك الأبناء. وأيضا يتغير مكان سكنك وبيتك وعملك، وتشرع في بناء صداقات جديدة في عالم افتراضي جديد.
تخيل أنك مثل جميع من حولك، جديد وطازج تماما، ومتحرر من الصداقات والعداءات السابقة، وقد تم منحك – كما الآخرين-الفرصة في إعادة بناء حياتك من جديد، مستفيدا من الأخطاء والخطايا التي وقعت فيها. كل ذلك بإنتظار يوم محاكمة الفساد الكبرى، لتكون شاهدا النيابة العامة ضد الفاسدين المفسدين.
كل ذلك طبعا على حساب الدولة، وهو ثمن بخس – في الواقع-يتم دفعه للتخلص من الإقليمية والطائفية والمذهبية والمناطقية والبطاطا المقلية. ويلغي الاحتقانات في مناطق معينة لأن سكانها يتغيرون، ويتبعثرون في محافظات متنوعة بشكل عشوائي.
لكن الخوف كل الخوف، هو أن يتم بالواسطة ضم الفاسدين المفسدين إلى برنامج حماية الشهود. فلن نجد من نحاكمه بعد انتهاء البرنامج، فنبقى على ما صرنا عليه، لحين تشكيل فيالق من الفاسدين الجدد، ثم الشروع في تطبيق برنامج حماية شهود جديد علينا وعليهم.
وتلولحي يا دالية