أكل الدهر؛ وشرب، وسقى الدولة كلها أزمات، بفقدان بوصلة إعلامها، وبالتالي فرضت حالة من التيه على خطابها، متذ أن تخلت حكومات عن إدارتها المباشرة لمؤسسات الإعلام الرسمي.
تاهت البرامج والخطط والهمم أيضا، ومضى ردح من زمان على حالة التيه هذه، وغابت المؤسسية، ومعادلتها، فمعادلتها في الإعلام الرسمي مختلفة قليلا عن المؤسسات الأخرى، حيث دور مؤسسات الإعلام الرسمية الأول هو نشر خطاب الدولة، والدفاع عنه، وضمان مساحة منطقية له في الرأي العام، وفي الوقت الذي واظبت وكالة الأنباء الأردنية فيه على أداء متوازن.
اليوم لدينا وزارة اتصال، هي الجهة القانونية المسؤولة عن إعلام الدولة، وهذا بحد ذاته خبر كبير في ساحتنا الإعلامية المهنية، التي تدرك أهمية إعلام الدولة، وضرورة المحافظة على قوته واستقراره وتوسيع مساحات تأثيره، ومن الطبيعي أن يتولى هذا الكيان القانوني الحكومي إدارة الشأن الإعلامي الرسمي وغيره، وعلى عاتقه وضمن مسؤولياته حمل خطاب الدولة وتوصيله للمتلقي الأردني، وللخارج، وهي مهمة ليست بالسهلة ولن تحدث بقرار من مسؤول، فالعملية تحتاج لأداء مهني مؤسسي ذكي، حاضر بذهنية متوقدة، تقتنع بأنها تدير إعلام دولة، وتنقل خطابها وتدافع عنها، فدورها اليوم ودور وزارتها يشبه دور دروع الوطن، لكن بعمل تنويري يدافع عن الرواية الأردنية والقصة اليومية المحكية، التي هي نحن وشأننا ومستقبلنا كله. طبيعي أن تعود مؤسسات الإعلام الرسمية إلى حاضنتها، حيث المؤسسية والقرار الواحد، القابل للمساءلة والمتابعة والانتقاد.
المهمة ليست بالسهلة بعد طول هذا الغياب، ويحتاج الشبول لخطة واضحة مدروسة بعناية، وموقوتة وخاضعة للتقييم، وعابرة للحكومات، مع ميلي لأن يتولاها الزميل فيصل الشبول وزير الاتصال والناطق باسم الحكومة، حتى تكتمل مراحلها، فكلنا يعلم بأن الأمر ليس بهذه السهولة ويحتاج لعملية تراكمية متسلسلة وبناء جديد.