الجمعة 2024-12-13 13:39 م

أردنيون في السجون السورية

11:21 ص


كثیر منا بالغ بالتوقعات بشأن انفراج العلاقة مع سوریة عقب فتح الحدود، والزیارات البرلمانیة والنقابیة التي تمت، ودعوة رئیس مجلس الشعب السوري لمؤتمر البرلمانات العربیة في عمان.

التفاؤل لم یكن بلا مسوغات فقد جاء بعد أن اتزنت التصریحات السوریة التي كانت وبالا على سوریة، خاصة تلك المتعلقة بالأردن، وظھرت اجواء توحي بأن سوریة تدرك عبثیة بعض السلوكیات والتصریحات وحجم تأثیرھا على المصالح المشتركة الكبیرة بین البلدین.

انتكاسة حقیقیة حدثت لمسار تطور العلاقات الثنائیة إثر موقف التعامل مع ملف الأردنیین في السجون السوریة، ما اعاد للذھن سوریة قبل الحرب في تعاملھا مع شعبھا ومواطني دول اخرى یزورونھا.



كأن سوریة لم تتعلم شیئا بعد ثماني سنوات من الحرب الدمویة التي راح ضحیتھا مئات الآلاف كان یمكن انقاذھم بشيء من الحكمة والتعقل وسماع النصیحة وعدم الاستخفاف بمطالب شعبھا التي ما تزال عادلة.

سوریة لا تبدو مدركة أن ملف الأردنیین بالسجون السوریة لا یمكن للأردن التغاضي عنھ، أو تحمل الضغوط الداخلیة بشأنھ، وسیكون سببا اساسیا لتدھور في العلاقات لن یتوقف عند تصریحات ومواقف سیاسیة بل الارجح انھ سیتبع بخطوات وأوراق ضغط اخرى عدیدة یمتلكھا صانع القرار الأردني.

سلوك سوریة بھذا الملف الحساس والضاغط لا یوحي بتقییم موضوعي أو تقدیر سوري لمواقف الأردن التاریخیة تجاھھا، التي صبت جمیعھا بضرورة الحفاظ على وحدة سوریة الترابیة والشعبیة، والتركیز على اولویة محاربة الارھاب بدل تغییر النظام الذي كان ھدف ومطلب الجمیع.

طلقة واحدة لم تطلق على الجیش السوري من حدودنا وھو موقف تاریخي كبیر یعیھ جنود سوریة وضباطھا في المیدان. لولا حكمة الموقف الأردني وحرفیتھ وعمقھ وتوازنھ واقناعھ للدول المشتبكة بالشأن السوري، لما آل الحال الى ما آل الیھ في سوریة. لم یصدر عن سوریة اي ردة فعل لموقفنا المعلن والمتسق مع القانون الدولي بخصوص الأردنیین في سجونھا، ما یوجب التریث بالحكم فیما اذا كان ھذا الموقف مقصودا، وقرارا محسوبا، ام انھ سوء ادارة مرحلي لملف خطیر قد یطیح بالعلاقات الثنائیة في وقت تحتاج فیھ سوریة لزیادة عدد اصدقائھا.

قد یفسر السلوك السوري أیضا أنھ نھج جدید على طریقة ایران في أنھا تقول شیئا وتُسمع الدول ما ترید ان تسمعھ، أو تقلل من المساجلة الإعلامیة والسیاسیة، بینما تمضي لتفعل ما یحلو لھا، وبما لا یتماشى مع خطابھا المعلن. أو قد نكون امام سوریة جدیدة تمتلك ایران فیھا ید طولى تتدخل في ملفات علاقاتھا مع دول الجوار بما یراعي المصلحة والرؤیة الایرانیة.

أیا كان الحال او الاسباب خلف الموقف السوري، فالمسألة تحتاج لكثیر من الحكمة والرویة، والنحو باتجاه ایجاد حل وتفاھم سیادي حول ھذا الملف، ولا یضیر أن نستثمر علاقات برلمانیینا للضغط على سوریة فلا بد أنھم الاكثر حرجا الآن بعد أن بادروا لإعادة العلاقة بین البلدین لیتفاجؤوا بھذا الملف الشائك.

لا سبیل إلا بعلاقات واضحة تقوم على الاحترام المتبادل بین الأردن وسوریة، وھذا استحقاق تاریخي وبراغماتي، لأن المصیر المشترك بدیھة لا یمكن القفز عنھا لكلا البلدین.

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة