الجمعة 2024-12-13 06:48 ص

أسماك القرش وانتحارها

07:02 ص

قرأت للطيب الذكر د.ابو غنيمة، في تحليله النفسي لظاهرة شاعرنا عرار في سنواته الاخيرة: ان سمكة القرش تقاوم شصّ سنارة الصيد الفولاذي بكل قوة، لكنها في عزّ مقاومتها تصل الى مرحلة اليأس فتتلوى وتضرب بذيلها الرأس، في انتحار كامل واستسلام مطلق.

والظاهرة تخطر في البال هذه الايام في كيفية مقاومة النظام السوري، ومقاومة الثوار عليه، في كيفية مقاومة الاخوان المسلمين المصريين في كيفية مقاومة نظام البشير في السودان، فاسماك القرش هذه وهي تملأ عواصم العرب غير مستعدة لقبول الواقع منذ البداية وتخفيف اوجاع النهاية الطبيعية.. بمقاومة غير مجدية، لان شصّ الصياد وصل الى اختراق الرأس، وعقدة الحياة والموت.
إن خروج آلاف الاخوان الى شوارع القاهرة لمجرد منع احتفالات الجيش والشعب بذكرى حرب تشرين، هي ظاهرة انتحار. لانها تضع فعلا حدا فاصلا بين الجماعة وبين المصريين.
صحيح ان الاخوان لم يشاركوا في حرب اكتوبر ولكن تخريب احتفال الجيش بنصر – ولو ناقص – في معركة تحرير قاسية للقناة ولسيناء، انما هو إنكار لحادث تاريخي لا يحدث كل يوم، ولا انتقائية فيه، ولا يدخل ضمن تفسيرات الاخوان لتاريخ مصر الحديث.
من الواضح ان قادة الاخوان – وهم في السجون او في المخابئ السرية – لم يعودوا يسيطرون على حركة محازبيهم، وتركوا لإناس غير قادرين على القيادة.. تركوا لهم حالة الانتحار.
كيف نوقف اسماك القرش التي تدمر حياة الامة العربية؟ كيف نوقف انتحار الاخوان وانتحار الانظمة، وانتحار المقاومين في سوريا والعراق والسودان وتونس وليبيا؟
ومتى تستطيع شعوب هذه الامة نبذ العنف واعمال العقل والخلق في حياتها السياسية؟
هذه اسئلة، بدأناها يوم سقطت اسماك القرش في تونس ومصر وسوريا ويوم وصلت القروش الى الحكم في العراق.. بغض النظر عن «حالة الربيع العربي» التي حدثتنا عنها قصة أشعب، الذي كذب على جائعي بغداد بأن احد الاغنياء يولم للفقراء.. وحين شاهد تدافع الناس الى الوليمة الوهمية اراد ان يصدقها فلحق بهم!! ولعل من المؤسف ان هناك ملايين من الذين ما زالوا يعيشون حالة أشعب، في اصرارهم على «الربيع العربي» بكل فضائعه التي لا يدانيها في قسوتها التاريخية الا ثورة القرامطة والزط في جنوب العراق والخليج!!.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة