الأربعاء 2024-12-11 22:28 م

أمُّ الكذاب بنت

07:13 ص

لن يستسيغ العالم توصيفاً عربياً صحراوياً لمؤتمر جنيف2، الذي ينطلق اليوم، من إنه كجمل تمخض طويلاً وعسيراً، وما ولد إلا فأراً كسيحاً أعمى. ولكنه ربما سيستسيغ الفكرة، إن قلنا بلغة عالمية أشيع:(جنيف2) براقٌ، لامع، وباهظ الثمن، كساعة يد سويسرية، ولكنه لن يقدم أو يؤخر شئياً، بخصوص هدفه المعلن: وقف شلال الدم السوري.

فكل المؤشرات تقود لمزيد من إنهمارات الدم، ليس لأن النظام حصر خياراته بالقتل، منذ إندلاع الثورة فحسب، بل لأنه أكمل انفصاله عن أرض الواقع، ولهذا سيخابط و(يلاخم)، وإلا ما معنى أن يؤكد طاغيته ببرود أعصاب إمكانية ترشحه للرئاسة، وكأنه لم يكن سبباً بكل هذا التشريد والقتل والسجون.
(أمُّ الكذًاب بنتٌ)، هكذا يصور لنا المثل الشامي الشائع كيف يقلب الكذاب الحقائق، حتى تصل معه الإدعاء بأن أمه ما زالت بنتاً، أي عذراء!، فحينما تنفتل حبال الكذب بيد من احترف الصنعة، فسيغدو لسان الوقاحة شبرين، ويزداد طولاً كلما تشعَّب، أو هزه زهو الإثم بمذاقها، وانتشى بوهم حلاوتها، وإلا كيف لنا أن نقرأ ما قاله الطاغية من أنه لم يقتل، ولم يشرد، ولم يسجن.
العالم الذي تفرج طويلاً على جرائم النظام وزبانيته، لن يهرع للصور المؤلمة التي سربها ضابط منشق عمل في سجون الأسد طويلاً، وكلنا يعرف معنى السجن السوري، أيام السلم، فكيف بأيام الثورة والإنتقام؟. ولكننا سنجد الشبيحة جاهزين للقول: صور مفبركة لكومبارس دفعت لهم إمارة الكاز والغاز، لقاء ظهورهم عراة ميتين بكل بشاعة!.
الذين يراهنون أن الطاغية سينجو من السقوط والعقاب، بعد كل ما اقترفت يداه، فإنما يراهنون على الخروج عن عدالة الحياة، التي ما خابت يوماً، والتي تفيد دوماً، بأنك إن كنت طاغية، فقد تكسب جولة إضافية على شعبك، أو تكبح بالمزيد من الدم والتهجير والدمار صهيل جماحهم، ولكن عليك أن تتذكر أن جمرة الثورة لا تنطفئ، فقد تهدأ بالصدور، أو تخنس قليلاً في الخفاء، ولكنها لن تطفأ، وستثور من رمادها من جديد. فمن ينسى دمه، ودم أخيه، وبنيه، وبيته المهدوم وحقله المحروق؟!.
نعرف أن جانباً ليس يسيراً سُرق من ثورة الشعب السوري البطل، وأنها كانت ثورة غير محظوظة، حوصرت وتداخلت بها قوى وموازين دولية وإقليمية، وركبتها قوى ظلامية، وخالطتها حسابات أخرى غير حسابات القرايا، التي لا تلتفت لها حسابات السرايا. ولكن لنتذكر أمراً جوهرياً، أنه لولا طغيان الطاغية ودمويته لما وصلنا لهذا الحد من الفظاعة


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة