السبت 2024-12-14 22:00 م

أين يختفون؟!

07:12 ص

سلّم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، طالبة الدراسات العليا الأردنية، من سكان مدينة الرمثا، روان عبدالله خويلة، جائزة ابن سينا للعلماء المسلمين، عن اختراعها علاجاً لتسارع دقّات القلب. وهي مسابقة تقدّم لها قرابة مائة عالم من مختلف دول العالم الإسلامي!

وفقاً لوالد روان د. عبدالله خويلة (كما نشر موقع 'خبرني' الإخباري)، فإنّ شقيق روان تمكّن أيضاً من ابتكار نظام يرفع كفاءة السخّان الشمسي بنسبة 100 %، ما حقّق له منحة من وكالة الفضاء الأميركية 'ناسا'، لإكمال دراساته العليا في الولايات المتحدة الأميركية.
وأمس، أشارت الزميلة ضحى عبدالخالق (في مقالها في 'الغد') إلى قصص نجاح مبهرة لشابين أردنيين؛ الأول هو قاسم غرايبة، الذي تأسست بجهوده وأفكاره شركة 'ميكر ستوديوز'، وهي شركة متخصصة بتقديم خدمات المحتوى المسلية، ولقيت انتشاراً واسعاً خلال خمسة أعوام، فاشترتها 'ديزني' الأميركية بمبلغ 900 مليون دولار. أمّا الثاني، فهو سميح طوقان، الذي أسس شركة 'مكتوب' المعروفة، واشترتها لاحقاً 'ياهو!' الأميركية بمبلغ 175 مليون دولار!
بدافع الفضول، قمت بمراجعة بعض الاختراعات لمبدعين أردنيين، المنشورة في الإعلام، والمسجّل أغلبها في الجمعية العلمية الملكية، فوجدت أنّني غارق في عشرات الصفحات على محرّك البحث 'غوغل'، عن هذه القصص المعترف بها علمياً، لكنها جميعا اختفت لاحقاً، ولم نجد من يتبنّاها ويمنحها الطريق الموصلة إلى الإنجاز والنجاح!
أغلب هذه القصص مرتبطة بالثقب الأسود في الاقتصاد الأردني؛ أي الطاقة. وبعضها يعكس بذوراً إبداعية تحتاج إلى رعاية غير متوافرة. فالطالب يزيد حداد حصل على براءة اختراع لجهاز يولد الطاقة من الخلايا العصبية الجذعية؛ وفايز ضمرة لديه ابتكار علمي لتخفيف آثار الغازات السامّة المنبعثة من مصانع البوتاس على البيئة؛ وأستاذ الهندسة في جامعة الطفيلة، عبدالإله الشباطات، اخترع طائرة بلا طيّار، لها مهمات فنية متميزة؛ وراجي مزاهرة، ولديه خبرة في الطيران لمدة 50 عاماً، اخترع طيارة احترافية من مواد محلية؛ والدكتور المهندس محمد الدباس اخترع ثلاجة للفقراء تعمل من دون كهرباء؛ وأردني آخر يخترع تربة ذكية؛ ومهندس يخترع عازلات للمباني بإذابة الزجاج بالماء.. إلخ.
ثمّة قصص هائلة، وأفكار وابتكارات متعددة، ليست بعيدة عن احتياجات الدولة والمجتمع. لكنّها، وبالرغم من الفائدة الكبيرة التي يمكن أن تحققها للمجتمع، لم تجد بيئة حاضنة، ولا مؤسسات رسمية لتطويرها وتبنّيها، ولا حتى القطاع الخاص، الذي من المفترض، قانونياً ومنطقياً، أن ينفق جزءاً من أرباحه على البحث العلمي، وأن يكون جزءاً من ذلك لتطوير هذه الاختراعات، بالشراكة مع المؤسسات العلمية الرسمية؛ فهو في النهاية مستفيد، وهكذا تتطوّر الاختراعات والاقتصادات اليوم في أغلب دول العالم!
للأسف، ما يزال القطاع الخاص، لدينا، يتصرف بمنطق 'الدكاكين' أيّام زمان. ولولا أنّ العالم الأردني شهاب القرعان (مؤسس شركة 'بترا' للطاقة الشمسية) نجح في الولايات المتحدة، واعتمدت ولايات أميركية متعددة مشروعه للطاقة الشمسية، لما وجد طريقاً لتنفيذ ذلك في الأردن، عبر محافظة الطفيلة أولاً!
أين يختفي العلماء الأردنيون؟! هذا السؤال برسم الإجابة من قبل المؤسسات المعنية، ورجال الأعمال والقطاع الخاص، ووزارة التعليم العالي، ووزارة التربية والتعليم وهي بصدد إعادة النظر في المناهج التعليمية والتربوية.
يجيب عن هذا السؤال الصديق أكرم أبو تميم، الذي اخترع عندما كان طالب ثانوية عامة، جهازا لمقاومة الصقيع، شارك فيه بمسابقة في ولاية أريزونا، وكان يأمل بمنحة لإكمال اهتماماته العلمية والتقنية. وقد حاول لفت انتباه الوزارة عبر إعطاء وزير التربية والتعليم ورقة لتوضيح هذا المشروع، لكن مصيرها كان مع مصير ذلك الابتكار، كما يقول أبو تميم نفسه: سلّة المهملات!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة