إذا كان التفسير السياسي والأكاديمي للإرهاب مقترنا بالقتل وتجاوز القانون والاعتداء على حق الناس في الحياة الطبيعية فإن هناك أنواعاً من الإرهاب خارج إطار هذا التفسير لكنها تصنع حاضنات أو محفزات لإرهاب خاص يخرج به الإنسان من وطنه ومجتمعه وحتى بيته وأسرته إرهاب يحول الإنسان إلى كتلة من السوداوية، ويجعله يحمل وصفاً واحداً لكل ما حوله ولكل شيء في بلده ومجتمعه.
هذا الإرهاب نراه يتمدد في مجتمعات ودول عديدة حيث تجسده قناعات من السهل رؤيتها في ساحات التعبير الإلكتروني وغيره وتعبر عنها كلمات وأحاديث ? ترى فيما حولها بقعة بيضاء، و? ترى إنجازاً أو مساراً إيجابياً، ? ترى شخصاً نظيفاً وتصدر الأحكام بالإعدام السياسي أو ا?جتماعي والأخلاقي على كل مخالف.
إرهاب يحول الإنسان إلى ناقم على كل شيء، ورافض لكل فعل، ومشكك بكل فعل، واللغة المستعملة تجعلك تتوقع من صاحبها إما الإنتحار أو تبني نهج يدمر كل ما حوله.
وإذا كان فكر التطرف والتكفير يقوم على اعتبار دائرة الإيمان محصورة في الشخص والمؤمنين بفكره، واعتبار كل الآخر كافراً، والكافر هنا له تعريف إجرائي وهو استباحة الدم والعرض والمال، فإن الإرهاب أو التكفير السياسي وا?جتماعي يجعل صاحبه يرى في الآخرين إما مجموعة من الفاسدين أو خونة أو بلا شرف أو بلا قيم و? وطنية أو بلا قدرات وكفاءة، ولهذا تجد من أصابهم هذا الداء ? يقومون بمناقشة رأي أو سلوك بل تكون اولى الخطوات إصدار الأحكام وتوزيع التهم، تماماً مثل حملة فكر التكفير فهم ? يقفون من ما تقول بل يقذفون بك خارج الدين مباشرة، وبالتالي ? قيمة لرأيك أو توضيحك أو اجتهادك.
ومن يمارسون لغة الإرهاب السياسي وا?جتماعي ليسوا من منطلق واحد، فالبعض يمارس هذا انتهازية وسعياً لمكاسب أو حرب مصالح على ا?خرين، وتنتهي الحرب عندما تفتح له الأبواب ليدخل عالم السلطة مرةً أخرى أو تفتح له الأبواب ليخرج من عالم النسيان إلى عالم الأضواء، وسلاحه حكم أن كل شيء خربان وأن الأمور تسير إلى الهاوية وأن كل من يعملون ليس لديهم القدرة والكفاءة.
والبعض يمارس الإرهاب موضة لأنه يرى الكل ينتقد ويرفض كل شيء، ويعتقد أنه كلما أنضم إلى معسكر رفض كل شيء، واتهام الجميع كلما اكتسب قيمة ومكانة حتى لو كان ما يقوله صراخاً وشتائم بلا مضمون، فالمهم أنه رجل ويقول.
لكن أخطر الأنواع من يحمل القناعة بأن الأمور إلى الهاوية، وأن بلده ومجتمعه بلا أي أمل، وأن الصورة سوداوية جداً، فهذه القناعة إن كانت حقيقية فإنها خطيرة وهي ما تستحق المعالجة.
نقول إن ما سبق نوع من الفكر الإرهابي لأنه يخرج عن الوسطية السياسية وا?جتماعية، التي تقوم على الموضوعية والنظر لكل الأمور بعينين وليس بعين واحدة، وسطية تؤمن بالنقد أو المعارضة أو الشغب لكن دون إنكار لأي مسار إيجابي من الناس أو الدولة أو حتى من بيئة الأصدقاء والأسرة، وسطية ترى إمكانية للمعالجات حتى لو اختلف مع الآخرين على الوسيلة أو السرعة.
من نراهم يعمقون ويصنعون الإرهاب السياسي وا?جتماعي هم الأكثر اعتماداً على الشتائم والإتهامات والأحكام القطعية بحق الآخرين وتعظيم الأخطاء دون تصنيف لها، وسلب الآخرين حق الإجتهاد، ووضع الناس بين وطنيين ونقيضهم تماماً مثلما يصنف التكفيري الناس بين كافر ومؤمن ووفق مقياسه الذي إن لم تعتمده فأنت كافر وفق قاعدة من لم يكفر الكافر فهو كافر.
مثلما هو النظر للأمور وكانها ربيع وجنان تطرف غير مقبول فإن الإرهاب السياسي وا?جتماعي الذي تمارسه بعض الفئات في مجتمعاتنا يصنع مسافة بين الإنسان والموضوعية، ويصنع أجيا?ً محبطة بل نعلمها لغة الشتيمة والإتهام والتكفير السياسي وليس مناقشة القضايا والآراء وافتراض أن الآخرين ليسوا كتلاً شيطانية بل لديهم حرص وغيرة وقد يصدر منهم الخطأ لكنهم ليسوا «كفاراً !!» وطنياً أو سياسياً أو اجتماعياً.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو