السبت 2024-12-14 23:20 م

إعلام يصنع الحرب

11:48 م

المعرفة الأكاديمية بجيوبوليتيك الإعلام العربي تقود إلى تحليلات معقدة بشأن طرد سورية من القمر العربي عربسات والمصري نايل سات، وهذا ما حاولت تناوله بعلمية في هذه الزاوية امس الأول . لكن معطيات جديدة ظهرت على الساحة عبر باحثين سياسيين أوروبيين ، كان أكثرهم تفصيلا وتوثيقا هو ما نشره موقع موندياليزاسيون . ( العالمية وهي بالفرنسية غير العولمة: غلوباليزاسيون ) وموقع شبكة فولتير . حيث يقول الموقع إن السي اي ايه قد أعدت محطات بديلة للبث على الترددات ذاتها التي تبث عليها الفضائيات السورية ، بحيث يفتح المشاهد على الفضائية السورية فيجد الأخرى وقد لا ينتبه إلى التغيير. ويتوقع أن يحصل ذلك قريبا جدا.

وتقول الوثائق المذكورة إنه قد تم تحضير أفلام وأخبار وتقارير مفبركة تم تركيبها في الاستوديو أو في عمل ميداني أو عبر مونتاج لصور موجودة سابقا. وهي عبارة عن أخبار كاذبة وصور مجازر جماعية ومظاهرات كبيرة في وسط المدن السورية، وظهور مفبرك أيضا لوزراء وجنرالات يقدمون استقالاتهم. وكذلك تم إعداد فيلم يصور الرئيس وهو يهرب من القصر الجمهوري وتحل حكومة ثورية مكانه ، في حين يحتل الثوار ساحات المدن الرئيسية. وعلى ذمة الوثائق فقد أعدت لذلك استوديوهات خاصة في واشنطن وفي مناطق عربية ، تضم نسخا من القصر الرئاسي السوري ونسخا عن المواقع الرئيسية في حلب حمص ودمشق. أما الهدف من هذه الحرب الإعلامية فهو تحطيم معنويات الشعب والجيش السوري مقدمة لعملية انقلاب عسكري . انقلاب يمكّن حلف الناتو من تجاوز الفيتو الروسي الصيني والسيطرة على سورية من دون هجوم عسكري غير شرعي . كما يتكفل بوضع حد لأي خطوة باتجاه الإصلاح والديمقراطية .
يشرف على هذه العملية من واشنطن مباشرة بن رودس مساعد مستشار الأمن القومي الامريكي. ( بن رودس هذا هو من كلفته إدارة بوش بكتابة تقرير لجنة كيت /هاميلتون حول أحداث 11 سبتمبر). ويساهم فيها عدد من الخبراء والسياسيين ، الذين عقدوا حتى الآن عدة اجتماعات دولية لتنظيم هذا العمل بدءا من اجتماعين تقنيين في الدوحة .
يقول تييري ميسان إن الاجتماع الأول ضم ضباطا في الحرب النفسانية في عدة فضائيات : العربية، الجزيرة ، بيبي سي, سي ان ان ,فوكس فرانس 24 ,المستقبل وام تي في . ومن المعروف أنه منذ عام 1998 أدخلت امريكا ضباطا من وحدات العمليات النفسانية في الجيش الامريكي على فريق تحرير سي ان ان ، وقد تم توسيع هذا الإجراء ليشمل المحطات الأخرى. وقد أعد هؤلاء المادة الإعلامية المذكورة أعلاه وفق توصيات فريق بن رودس في البيت الأبيض ، وبعد تحريرها عرضوها على الفريق من جديد للموافقة عليها وتعميمها على المحطات جميعا بحيث يأتي بثها على الجميع تأكيدا لمصداقيتها لدى المشاهد. ولم تكتف اللجنة بهذه المحطات بل تم تجهيز 40 محطة وظيفتها التحريض المذهبي وصولا إلى الحرب الأهلية.
في حين ضم الاجتماع الثاني مهندسين ومخرجين لتصميم وتنفيذ وإخراج المادة المذكورة وتناول الثالث تنسيق عمل هذه الحملة الإعلامية مع عمل الجيش السوري الحر.
وإذا كان البند الأول من العملية هو ضخ الأخبار الكاذبة المبرمجة فإن الثاني هو منع بث ما يكذبها.علما بأنه لا توجد في سورية شبكة أرضية للبث التلفزيوني بل إن جميع التلفزيونات السورية تبث عبر الأقمار الاصطناعية من دون أن يعني ذلك عدم إمكانية استبدال الأقمار العربية بأقمار أخرى.
هل ستصدق هذه المعلومات ؟ سوابق الناتو تؤكد هذا الأسلوب ، من راوندا إلى فنزويلا إلى حرب العراق إلى حرب ليبيا ، وليس أقلها الفضيحة الشهيرة التي ظهرت في رومانيا بعد القضاء على تشاوشيسكو ، حيث اتضح أن ما عرف بمذبحة تيموسورا ، والتي استعملت راس الرمح لإدانة نظام تشاوشيسكو إنما نفذتها الكاميرات الأطلسية بجثث سحبت من المقابر. غير أن اعتراف العالم بالكذبة ، بالتزوير التاريخي لم يغير شيئا بعد أن سبق السيف العذل ، كما أن الاعتراف بكذبة أسلحة الدمار الشامل لم يعد العراق عراقا.
ملاحظة : يمكن الاطلاع على قصة مذبحة تيموسورا على موسوعة ويكيبيديا :


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة