الوكيل - -1المسألة – ببساطة شديدة – بالنسبة إلى ما حدث (بليل) من اختطاف لجنة الشعر، وحتى لا نتوه في تفاصيل لا معنى لها، هي ضرب فكرة (تداول السلطة الثقافية) التي كرست لها ثورة 25 يناير، ثم بعدها ثورة 30 يونيه، ومن ثم العودة إلى المربع رقم واحد من جديد.. مربع الديكتاتورية الثقافية، والاستبداد بالرأي، والتكريس لأوضاع بائسة، من سيطرة الرأي الواحد، والاتجاه الوحيد، والفكر الواحد.. إلى آخره، ‘وكأنك يا أبو زيد ما غزيت’!
والمفارقة الصارخة في هذا السياق، حتى لا نتوه عن الجوهري، وتتوه الحقائق عن مواضعها الصحيحة – أن القائمين على أمر المجلس الأعلى للثقافة (الآن)، والذين طبخوا هذه المؤامرة وأنضجوها على نار باردة، هم من جاءت بهم الثورة !.. وجاءوا محمولين على طاقتها التغييرية وقوتها الثورية، ومنطلقاتها الديمقراطية للتغيير والتطوير .. والمفارقة المخجلة – كما يبدو جليا الآن – أنهم هم أنفسهم من يقومون بطعن الديمقراطية الثقافية، طعنة خسيسة، واثبتوا بالفعل أنهم أعداء التغيير، وكارهو التطوير، وهم المصرون على أن يبقى الحال كما هو عليه (ثقافيا)، وألا تخرج المسألة في النهاية عن تغيير أشخاص، وتبديل أسماء، أما الجوهر والمضمون ومنطق الحركة (إذا كان هناك حركة)، والفعل الثقافي (إذا كان هناك فعل ثقافي حقيقي)، فيبقى كل ذلك على ما هو عليه، أو على ما كان عليه، بل يزداد سوءا، وعلى المتضرر (الحركة الشعرية والثقافية الديمقراطية المجدِّدة والمغيِّرة والساعية إلى التطوير والتداول) اللجوء إلى القضاء !.
ومن ثم، هل هناك أوضح على ما نقول، من إعادة لجنة حجازي، أو’مجموعة حجازي’!.. إلى لجنة الشعر في التشكيل الجديد للجان المجلس، حيث كانت الاجتماعات التحضيرية لهذه المؤامرة، أو بعضها على الأقل- تتم في بيت الشعر ‘بيت الست وسيلة’ الذي يترأسه حجازي ورجاله ؛ وقد شوهد هناك السيد سعيد توفيق رئيس المجلس الأعلي للثقافة، مشاركا في هذه الاجتماعات التآمرية البائسة، التي لم تتمخض فحسب، عن إزاحة ولجنته، فهذا أهون ما في الموضوع، وإنما عن ضرب فكرة تداول السلطة الثقافية، ممثلة في لجان المجلس الأعلى للثقافة، وعلى رأسها لجنة الشعر، والعودة إلى الاستبداد بالرأي، وفرض منطق المصالح الضيقة، لمجموعة بعينها في الحركة الشعرية المصرية، اصطلح على تسميتها ‘مجموعة حجازي’!
سيقول لك السفسطائيون والحرفيون أو (التحريفيون) من أهل المجلس، وللأسف سيردد هذا القول بعض ممن كنا نحترمهم، إن النظم واللوائح والقوانين تسمح بذلك، وأنا لن أخوض في هذه الأحاديث العرجاء الشوهاء (من أصحاب الحق الذي يراد به باطل من قبل هؤلاء)، وإنما سأسأل المحترم الذي يقول بذلك: أين كانت هذه النظم واللوائح والقوانين التي يتبجحون بها الآن، عندما تولى أحمد عبد المعطي حجازي هذه اللجنة، منذ وفاة الدكتور عبد القادر القط في عام 2002 وحتى عام 2011 .. كيف اخترق حجازي – على مدى نحو 10 سنوات- كل هذه النظم واللوائح والقوانين، بما فيها قواعد استنها هو نفسه بألا تزيد رئاسة اللجنة على مدتين !!
ما أبأس هذه النظم واللوائح التي تبدو بذلك مجرد مطية تستخدم عند اللزوم، لتبرير الانحرافات، وإسباغ الشرعية الشكلية، والمشروعية المدعاة، على كل ما هو ضد الشرعية الحقيقية والمشروعية الحقة !
2
قدمنا – أنا وزملائي في لجنة الشعر – في دورتها السابقة التي تم اغتصابها ولم تكتمل 2011/2013 – نموذجا يحتذى في الممارسة الديمقراطية الثقافية والشعرية على كل الأصعدة، وأظن أنه مع هذا الاختطاف غير المشروع للجنة الشعر من قبل ‘مجموعة حجازي’، وبالتواطؤ مع القيادات الضعيفة للمجلس الأعلى، أصبح من الصعب العودة بهذا النموذج إلى الوراء مرة أخرى، حتى وإن حاولت هذه المجموعة ذلك. لأن الحياة الشعرية العريضة الآن تعلم بحقوقها، وقُدمت لها تجربة حية، وممارسة فعالة قائمة على ما يجب أن تكون عليه الأمور بالفعل، وهذه الحياة الشعرية المصرية عليها أن تخرج من سلبيتها، وتعرف كيف تدافع عن حقوقها على كل صعيد .
فقد قدمنا في هذه الفترة.. مع ملاحظة أن السنة في عرف عمل المجلس تسعة أشهر فقط، لأن لجان المجلس تكون في إجازة طيلة شهور الصيف ( يوليه، أغسطس، سبتمبر)، وتعاود عملها الفعلي في أول أكتوبر..، وإذا عرفنا أن عمل اللجنة الجديدة (أقصد اللجنة المنتخبة بعد ثورة 25 يناير) لم يبدأ عملها إلا في شهر إبريل 2011، أي أنها في هذه السنة الأولى لم تقم بعملها إلا لستة أشهر فقط.. إذن مجموع الفترة المجمعة من السنتين اللتين قامت فيهما هذه اللجنة بعملها فعلا لم يتجاوز 15 شهرا، أي سنة وربع السنة فقط. وكان ذلك نتيجة للاستقالات الجماعية والغياب المتعمد من (مجموعة حجازي) احتجاجا على انتخابي مقررا للجنة، وكان بعضهم محسوبا (من الناحية العددية) على اللجنة.. وطالبنا عدة مرات باستعواض هذا العدد الكبير (7 أعضاء) لان هذا يعيق عمل اللجنة، ويدفعنا للانتظار الطويل حتى يكتمل النصاب القانوني لبدء الجلسات.. لأن الكثيرين من أعضاء اللجنة الآخرين يأتون من مناطق بعيدة .. حسونة فتحي من العريش، وعبد الله طريف من مطروح، ومحمد أبو دومة، وجاد زكي، من سوهاج، وشريف رزق من المنوفية، وعبد العزيز موافي من القليوبية، وفريد أبو سعدة من الغربية .. وكان هذا يعطلنا عن بدء عمل اللجنة لأكثر من ساعة ..طالبنا باستعواض هذا النقص، لكن لا حياة لمن تنادي. لم يعرنا السيد أمين المجلس التفاتا، وظل يسوِّف في حسم هذه المسألة، واستكمال العدد الناقص من الشعراء، وقدمت إليه الأسماء البديلة المقترحة بالتشاور مع اللجنة، وظل الأمر كما هو عليه. لأنهم- كما يبدو- كانوا يخططون لما حدث وتم بالفعل ضرب اللجنة كلها في الصميم.
وللحقيقة، رغم كل هذه العوائق والمشاكل من قبل أناس يبيتون النوايا السيئة – كما اتضح أخيرا- ولا يدفعون بالعمل للأمام، لأن لهم أهدافا ونوايا ومخططات أخرى خفية ظهرت أخيرا للعيان .
ورغم كل ذلك.. قمنا بالآتي: استضفنا في أمسياتنا الشعرية أكثر من تسعين شاعرا وشاعرة، من مختلف أقاليم مصر، ومن كل الأعمار والتيارات الشعرية، التي كانت تُمثل في كل أمسية.. من قصيدة النثر إلى قصيدة التفعيلة، إلى قصيدة العامية، إلى القصيدة العمودية الكلاسيكية التقليدية، المجددة في الوقت نفسه، وطبعا كان الشرط الوحيد لكل هذه التيارات هو الاعتداد بالتنوع الشعري في سياق الجودة والكفاءة والتعبير الصحيح عن الهم الفني والجمالي .. كان هذا هو فيصلنا الوحيد في الاختيار. الأمر نفسه، في المواكبة النقدية، فقد قدمت اللجنة أكثر من ثلاثين ناقدا وباحثا من الشباب والكبار، وناقشت خلال 30 أمسية نقدية، دواوين جديدة، وعرّفت بشعراء أجانب كبار، واحتفلت ببعض كبار شعراء العربية من المصريين والعرب .. واللجنة في كل ذلك، اختطت خطا لم تحد عنه إلا قليلا وفي الأشهر الأخيرة فقط، وهو الاحتفاء بالحركة الشعرية المصرية مع إنكار أنفسنا كشعراء في الأمسيات الشعرية والنقدية، لإفساح المجال لشعراء مصر. كما ارتأيت أن يتم تداول تقديم الندوات التي تقيمها اللجنة بين أعضائها جميعا، وألا يستأثر بها رئيس اللجنة، كما كان يحدث في السابق، وكما يحدث في الكثير من لجان المجلس حتى الآن !.. ولأن هذا التقديم له مكافآت مادية، فلماذا إذن لا يكون تداوليا بيننا جميعا. كما قمنا بعمل مؤتمر ضخم للشعر المصري، هو الأول من نوعه في تاريخ المجلس، وكان ناجحا بكل المقاييس، وفي ظرف حساس تمر به البلاد (يمكن هنا مراجعة كتاب أبحاث المؤتمر). لقد استطعنا أن نحقق هذا النجاح رغم العوائق التي وضعت في سبيلنا، والمعاكسات التي عانينا منها، وتم البخس بمكافآت الباحثين والنقاد المكلفين بالكتابة إلى أرقام مضحكة ومخجلة، بينما حاز السادة الموظفون بالمجلس من المكافآت والحوافز، ما يفوق – بمراحل- ما خصص للباحث والناقد المشارك في المؤتمر !. ولعل بعض هذه ‘ الملاليم’ لم يصل إلى مستحقيها حتى هذه اللحظة، حتى أن دينامو هذا المؤتمر (والحق يقال) الشاعر عبد العزيز موافي (طفش) من اللجنة، وقبل أن تتم فصول هذه المؤامرة الأخيرة، أبلغني أنه ينوي الاعتذار عن عدم الاستمرار في اللجنة، لأن المسألة- على حد قوله- لم تعد عملا ثقافيا مبهجا ومشجعا، بل حربا مع البيروقراطية والنظم المعيقة، والعقليات الخانقة،والأيدي المرتعشة لأناس لا يملأون المناصب .
هذا هو المشهد البائس والمخزي الذي آلت إليه لجنة الشعر بالمجلس.. فيا للسخرية التراجيكوميدية، يا أهل المجلس والوزارة.. حينما تشجب مؤتمراتكم الثقافية، في كل توصياتها الختامية- العدوان الإسرائيلي وتواطؤ الموقف الأمريكي / الغربي .. لأن ‘من لا يملك أعطى من لا يستحق’.
فأنتم الآن تفعلون الشيء نفسه .. وتبحثون كل يوم عن أقنعة ومبررات عقيمة للستر والتعمية !
* مقرر لجنة الشعر
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو