الجمعة 2024-12-13 09:28 ص

الأردن في انتظار خريف ساخن داخلياً واقليمياً

02:33 ص

الوكيل- يجهد الأردن للتخفيف من الآثار الإقتصادية والاجتماعية والسياسية الناجمة عن موجة الثورات والاحتجاجات التي تعيشها البلدان العربية منذ نهاية العام 2010. وأفلح صناع القرار في عمّان، حتى الآن، في الحدّ من انتشار الثورات إلى الأردن، وحصر الحراك في احتجاجات ضد الفساد. وسعى الملك إلى تحقيق توافق سياسي واسع حول إصلاحات سياسية اقترحها لعل أهمها قانون الانتخابات الذي عدل مرتين تمهيدا لاجرائها حتى نهاية العام الحالي. وتبنت الحكومة موقفا أقرب إلى الوسط في الموضوع السوري، فلم تنجر إلى حالة التعاطف الكبيرة مع الثورة في صفوف الغالبية الساحقة من أبناء الشعب الأردني، أو التيارات القومية الداعمة لنظام الرئيس بشار الأسد.


لكن عوامل داخلية وخارجية عدة تتجمع منذرة باحتمال تفجر الأوضاع وخروجها عن السيطرة في أزمة ربما تكون الأصعب منذ الأجواء التي سادت في الأردن عقب اجتياح صدام حسين الكويت، وحرب الخليج الثانية عامي 1990 و1991.

خلافات حول قانون الانتخاب تنذر بانسداد سياسي

ويتصاعد الجدل حول الانتخابات المقترحة نهاية العام الحالي، ويذهب فريق إلى أنها يمكن أن تتأجل عن الموعد المقرر نظرا لتصاعد الخلافات بين جماعة الإخوان المسلمين، إضافة إلى حركات وطنية ويسارية وشبابية حول الانتخابات. وتدعو هذه الجبهة إلى مقاطعة الانتخابات في حال إصرار الحكومة على عدم إجراء تعديلات في القانون الانتخابي. ويزداد زخم الحراك الداعي إلى مقاطعة الانتخابات مع انضمام شخصيات سياسية كانت حتى الماضي القريب في مواقع حكومية مهمة، ولم تحسب يوما على التيارات المعارضة.

وحسب التقارير الأخيرة فإن مستوى التسجيل في الانتخابات مازال دون المستوى المطلوب بكثير. وتشير التقارير إلى أنه بعد نحو 20 يوما من فتح باب التسجيل للانتخابات فإن عدد المسجلين لم يتجاوز 215 ألفا. وتعد هذه الأرقام مخيبة للحكومة التي تطمح إلى أن يتجاوز عدد المسجلين للمشاركة مليوني ناخب من أصل ثلاثة ملايين وسبعمئة ألف ناخب.

وفيما أعلن الملك صراحة أنه ليس في وارد تفصيل قانون انتخابي على مقاس المعارضين، وتصر الحكومة على عدم تعديل القانون الانتخابي للمرة الثالثة ، رفع أكثر من 500 شخصية مستقلة رسالة تناشد الملك إعادة النظر في قانون الانتخابات.

ويتركز الخلاف حول قانون الانتخاب على قانون الصوت الواحد الذي يضعف حظوظ الأحزاب السياسية وخصوصا الإخوان من الفوز بمقاعد تمثل حجم قاعدتهم الانتخابية. وتعتبر الحكومة انها ذهبت إلى أقصى حد ممكن عندما رفعت مقاعد القائمة الوطنية ( للأحزاب) إلى 27 من 17 مقعدا، ورغم أن معظم هذه الأصوات سوف تذهب للاسلاميين إلا أن الإخوان يصرون على تنظيم انتخابات تسمح بصوتين للناخب الواحد.

ويعزو الخبراء إصرار الحكومة على عدم التراجع عن قانون الصوت الواحد إلى نتائج استطلاع سري للرأي لعينة من 14 ألف ناخب حول النتائج في حال السماح بصوتين للناخب في الدوائر المحلية مع الابقاء على القائمة الوطنية. وكشفت مصادر أن الإخوان سوف يفوزون في حال التعديل بنحو 75 مقعدا، فيما يمكن أن تحصل أحزاب المعارضة الأخرى على 25 مقعدا ما يعني أغلبية مريحة في مجلس النواب الذي اقترحت الحكومة زيادته إلى 150 عضوا.

الأوضاع الاقتصادية مستقرة ولكن...

وفي الجانب الاقتصادي يبدو أن نشاط الأردن الخارجي واقناع الأطراف الاقليمية والمؤسسات المالية العالمية في خطورة الوضع المحيط بالأردن، وتأثره اقتصاديا بأحداث الثورات في العالم العربي أثمر اتفاقات مهمة. فقد توصل الأردن إلى تفاهم مع صندوق النقد الدولي حول برنامج تصحيح لمدة ثلاث سنوات مقابل منح قرض قيمته ملياري دولار.

كما قرر صندوق الخليج الذي أطلقته السعودية والامارات والكويت وقطر منح الأردن خمسة مليارات دولار في غضون خمس سنوات لمشاريع تنموية. وتعرب الحكومة الأردنية عن أملها في أن تجذب هذه المساعدات استثمارات تصل إلى 12 مليار دولار.

والواضح أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والقرار الخليجي بمنح القرض قد تساعدان الحكومة في تثبيت أوضاعه الإقتصادية في الوقت الراهن ، لكن المخاطر تكمن في قرارات صعبة يتوجب على الحكومة اتخاذها مثل رفع أسعار البنزين والكهرباء والديزل، إضافة إلى إصلاح النظام الضريبي بزيادة حجم الضرائب على عدد من القطاعات. ويجب عدم إهمال المؤشرات الاقتصادية السيئة في الأردن فعجز الموازنة يصل إلى 11 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن الدين الخارجي يصل إلى أكثر من 21 مليار دولار، في وقت لا يتوقع أن يزيد النمو عن (2.5) في المئة نتيجة العوامل الداخلية والخارجية.

تأثيرات إقليمية من كل الاتجاهات...

يستشعر صناع القرار في الأردن الخطر من صعود الحركات الإسلامية في عدد من البلدان العربية واحتمال فوزها في سورية رغم ردود الفعل المنضبطة للسلطات الأردنية حتى الآن. ومع ازدياد أعداد اللاجئين السوريين إلى الأردن وتصاعد العمليات العسكرية تبرز مخاوف اقتصادية واجتماعية وأمنية وسياسية. ويمكن أن تصبح الأجواء الأردنية فضاء مفتوحا للطائرات الإسرائيلية في حال قررت تل أبيب توجيه ضربة لإيران، كما من الممكن أن تمر صواريخ الرد الإيرانية من فوقه باتجاه غرب النهر.

وتزيد تطورات الأوضاع الداخلية في سورية والمواقف الدولية الأخيرة الضغوط على الأردن الذي حافظ على 'شعرة معاوية' مع النظام في دمشق، وفي ذات الوقت استقبل عشرات ألوف اللاجئين من المعارك المحتدمة.

وتنذر المناوشات المتتالية على الحدود الشمالية للمملكة، وسقوط قذائف في أول أيام العيد، وتزايد نشاط الجيش الحر في مناطق درعا المحاذية بخروج الأمور عن السيطرة، وزيادة في تدفق اللاجئين لكن الأهم أنها قد توسع الصراع إقليميا والزج بالأردن إلى الصراع في سورية خصوصا إذا ما أقرنت المعطيات السابقة بتوجه دولي لفرض مناطق حظر جوي، والتلويح بتدخل غربي لابطال خطر تسرب أسلحة كيماوية وبيولوجية إلى جهات مختلفة عبر انزالات جوية من المتوقع أن تلعب الأردن دورا لوجستيا على الأقل في ترتيبها في حال عدم مشاركة كوماندوز أردنيين في العملية. كما أن حسم المعركة في دمشق وريفها يقتضي توفر امدادات أسلحة من الجنوب.

وإذا كان من غير الواضح حتى الآن قدرة الأردن على مواصلة سياسة ضبط مواقفها، والنأي بالنفس قدر الممكن، في الموضوع السوري، فإن المؤكد أن الخريف الأردني سوف يكون ساخنا فوق العادة على وقع تأزم الأوضاع في جارتها الشمالية سورية، وتهديدات إسرائيل بضرب إيران التي تتوعد برد قوي، وتزايد الضغوط لاتخاذ موقف أكثر حسما من نظام الرئيس الأسد. ويزيد من صعوبة التكهن بمآلات الأمور في الأردن الاحتقان والاستقطاب الحاد داخليا حول قانون الانتخابات مع إصرار كل طرف على موقفه، كما لا يجوز اهمال الصعوبات المترتبة على استقبال اللاجئين من توفير المسكن ومياه الشرب، إلإضافة إلى مخاوف من ان يتسبب تدفق اللاجئين السوريين في اضطرابات داخل المجتمع الأردني.

سامر الياس - روسيا اليوم


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة