الخميس 2024-12-12 02:28 ص

الاكتشاف العربي المتأخر: أميركا بياعة

07:03 ص

في ظل أجواء الاتفاق الأميركي الروسي حول أسلحة الأسد الكيماوية يتحرك وزير الخارجية الأميركي في مسألة تحديد هوية الأطراف المدعوة للمشاركة في جنيف 2. هنا يلمس المتابع للتطورات وجود تغيير في مواقف جون كيري من قضية مشاركة ايران، فمن المواقف الرافضة بقوة لدعوتها التي ظهرت قبل وبعد جنيف 1 الى موقف أميركي جديد بالدعوة المشروطة باعتراف ايران باتفاق جنيف 1.

لقد تم تبني هذا الشرط في اجتماع وزراء خارجية اصدقاء سوريا ال 11 الذي عقد هذا الأسبوع في لندن وهذا يعني عملياً ان مشاركة طهران في جنيف 2 أصبحت شبه مؤكدة لان الشرط المطروح ليس تعجيزياً، فدمشق سبق وان وافقت على جنيف 1 لكنها لم تنفذ حرفاً منه، ولان وجود وزير خارجية ايران في المؤتمر سيقود الى تعزيز صلابة وعناد كل من لافروف والمعلم في رفض تطبيق ما تم الاتفاق عليه في جنيف 1.
لسبب ما غير معروف، فتح التفاهم الأميركي الروسي حول الأسلحة الكيماوية الطريق امام تفاهمات اميركية إيرانية أطلقت المخاوف في عواصم عربية وخاصة خليجية من بوادر عقد صفقة بين الطرفين تمتد من الملف السوري الى البرنامج النووي وصولا الى حزب الله.
بعض المحللين يرى ان أسباب هذا التقارب مع ايران تعود الى اوباما الذي قرر الابتعاد عن أزمات المنطقة العربية وتعقيداتها التي جعلت من أميركا ملامة في جميع الاحوال من قبل حكومات وشعوب العالم العربي. هي ملامة ان تدخلت بدعم المعارضة في سوريا وملامة ان لم تتدخل. ولولا التزام اوباما بأمن اسرائيل الذي لا يستطيع تجاهله لما اهتمت واشنطن بالمؤتمر المذكور، خاصة بعد نزع السلاح الكيماوي السوري، الذي كان الشاغل الوحيد لواشنطن في الأزمة السورية. وقد تكون مفاجأة جنيف ليس حل المسالة السورية انما تدشين التقارب الأميركي الايراني بالتفاهم حول سوريا في اتفاق ( لا فرص لنجاحه ) لكنه يمهد لصفقة تفاهم حول البرنامج النووي الايراني.
من الأسباب الأخرى نجاح التحالف الثلاثي: الروسي الايراني السوري في تصوير الثورة السورية بانها خطر على الامن الأميركي والأوروبي بعد ان تغلغلت القاعدة عسكريا في المناطق السورية الشمالية. وهو ما يسمح باعادة انتاج تجربة ايران والنظام السوري الناجحة في العراق في استغلال موضوع القاعدة والإرهاب لفتح الجسور مع الاميركيين، لانه ثبت بمحصلة هذا الملف في كل من العراق وسوريا ان المستفيد الأول والوحيد منه هما النظامان الايراني والسوري وان الخاسر الاكبر هما المقاومة العراقية والثورة السورية، ما يعزز التقارير التي تشير الى الدعم اللوجستي الكبير الذي تلقته القاعدة في أوقات سابقة خاصة بمواجهة الأميركيين بالعراق.
طهران تواصل تسجيل النقاط في المنطقة العربية المشرقية من شط العرب الى شاطئ المتوسط وغزة وهو ما يثبت للمرة الألف ان دبلوماسية الاعتدال التي تتبناها الأنظمة العربية ليست فاعلة في دنيا السياسة والدفاع عن المصالح الوطنية والقومية، لقد تبنت طهران منذ ثلاثة عقود سياسة التدخل والهجوم في العمق العربي، وبتوقيت تزامن مع سياسات الاعتدال والاعتماد على سياسة وضع كل الاوراق بالسلة الاميركية. ونتيجة لذلك اصبح الصدر والظهر العربي مكشوفاً لكل راغب وطامح بنفوذ وسيطرة ويأتي الاكتشاف العربي المتأخر: أميركا بياعة.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة