السبت 2024-12-14 01:37 ص

.. التجسس علينا في الاتجاهين !

06:27 ص

المشكل ليس في تجسس الأميركيين على أصدقائهم. فذلك جزء من الانحدار الخلقي الذي تمارسه القوى الكبرى في صراعها مع بعضها، وفي عمليات هيمنتها على دول العالم. المشكل هو أن للتجسس وجهاً بشعاً آخر هو استعمال أعظم إنجازات العلم في حقول الاتصال، لتدمير قيادات الشعوب، واحتوائها قبل ذلك، وتطويعها لتكون في خدمة الطغيان. فماذا يمكن لدوائر الجاسوسية الأميركية أن تعرف أكثر عن مستشارة ألمانيا بمراقبة هاتفها الخاص، والتسمع على مكالماتها الخاصة؟؟.

وتتحدث الصحافة الأميركية عن التركيز التجسسي الأميركي على بلدان كالأردن ومصر وباكستان.وتورد رقماً مهولاً عن رصد عشرات ملايين المكالمات الهاتفية في إسبانيا في يوم واحد. لكن الصحافة لا تقول لنا لماذا كل هذا السرف في التركيز التجسسي على بلد صغير كالأردن، أو على بلد فقير كمصر، أو بلد فاشل كباكستان؟!.
قبل أن نجيب على أي سؤال ورد أو سيرد نقول: إنّ للتجسس أكثر من وجه. فهو ليس مجرد نقل معلومات من البلد المستهدف إلى واشنطن، وإنما له أيضاً وظيفة أخطر هي: نقل الأوامر من واشنطن إلى البلد المستهدف!!. فقد سمعنا كثيراً عن أن الربيع العربي بدأ بالاتصالات على «الفيس بوك» و»التويتر»، وأن «مؤسسات المجتمع المدني» التي فرّخت بعشرات الآلاف كانت الجزء الأكثر تأثيراً على تحركات الشارع. فإذا أضفنا إلى تأثير الاتصالات، وجمعيات حقوق الإنسان، وحقوق المرأة والطفل، وحماية الصحافة، والإصلاح، والاستحداثات المذهبية والدينية، .. وأموال بعض دول النفط.. فإننا أمام المشهد الذي عايناه في مصر وسوريا وتونس وليبيا.. وما كان يمكن أن نشهده في بلدان عربية أخرى!!.
ثم نسأل: لماذا لا تمرر واشنطن كل هذه الحصيلة الهائلة من معلومات التجسس لحليفها الإسرائيلي؟!. سواء أكان هذا التمرير رسمياً أم عن طريق صهيوني أميركي مزروع في مفاصل شبكات استقبال المعلومات، ومفاصل شبكات ايصال التعليمات؟!.
من هنا يمكن أن نفهم سرّ نشاط التجسس الأميركي في الأردن. فالقيادات الصهيونية لم تخف منذ عام 1921 اصرارها على تهويد كل فلسطين، وحل مشكل الفلسطينيين المشردين عن وطنهم في الأردن. وهذا كلام ليس جديداً.. ونسمعه حتى في الأردن من أن الفلسطينيين هم الأكثرية، للترويج لمقولة: فلسطين هي الأردن!!.
إنّ رصد قوى المجتمع الأردني التي تقاتل دفاعاً عن الدولة الأردنية، وعن النظام السياسي في الأردن، يدلنا على التنبه الطبيعي للحذر من الصديق الأميركي. والتنبه إلى خطورة اطلاق الحريات التي ابتدعتها صحافة الاتصالات المنفلتة، والفضائيات التي تملأ أجواء الوطن العربي بالحقد والنزعات المنحطة المذهبية والعنصرية. ومتابعة ما يسمي ببعض «منظمات المجتمع المدني».
فما هو سبب وجود هذه المنظمات التي تمولها السفارات والمنظمات الدولية المشبوهة جهاراً نهاراً إذا كان عندنا أحزاب، ومجلس أمة، ونقابات وجمعيات خيرية، ومنظمات للمرأة ورعاية الطفولة؟؟ لماذا نستبدل مؤسساتنا الوطنية الذاتية ونشجع المستوردة الممولة.. لولا نفوذ التجسس الأميركي؟.
.. لنتذكر: فهذا السطو الأميركي البريطاني علينا فرض حبس الشيوعي الأردني لكونه شيوعياً خمسة عشر عاماً... سجناً!!.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة