لا تترك نارُ الحبِّ الأجاجة إلا جمراً في سويداء القلب، كما يحدس ويحس العاشقون الملتاعون. جمراً لا يزداد إلا جمراً. أما نار النواب حامية الوطيس والتي تحمحمت بأروقة المجلس يوم أمس لمناقشة بيان الثقة، فهي ليست كنار الحب، بل هي جمرة ليل، ولا تلبث جمرات الليل أن يصبحن رماداً مبلولاً.
وإذا كانت نار إبراهيم العالية حد حرق أجنحة الطيور الطائرة، قد نجا من براثنها خليل الله، فكذلك ستنجو حكومة الرزاز من نار النواب وستكون عليها بردا وسلاما، فهذا ما تعيه ذاكرتنا وتحفظه ليس لأن الحكومة تتقمص ثياب رجال مطافئ وخوذهم، بل لأن نارهم صورية تخلب الأبصار، لكنها بسعرات حرارية لا تقلي بيضاً.
في كل خطاب ثقة تقتنص الفرص؛ ليصبح الكلام منبرياً محشرجاً في كلمات عاصفة قاصفة أرض أرض، وأخرى جو أرض، فالنائب يصعد لهجته ويكشر عن أنيابه، ويضرب الطاولة بقبضته، ويشرب أكثر من كأس ماء، ويجمط ريقه، ويجرد حلقه، مستعرضاً عضلاته البلاغية والنحوية والشاعرية (ويا بنت شوفيني وشوفي طولي).
معظم خطب الثقة تجيء بذات الكلاشيه، وبذات الديباجة نفسها، والتي تصلح لتكون خطبة موحدة لكل بيان ثقة قادمة أو حتى فائتة، فهي مكرورة بعباراتها وأفكارها ونبرتها، وتبدو كأنها لا توجه للمجلس وللحكومة، بل وكأنها موجهة لمواطن الشارع، وبهذا المطب يقع دوماً السادة النواب. ولو لم تبث هذه الخطب على شاشة التلفاز لخمدت نبراتهم، وارتخت أوتارهم الصوتية.
أعيد التذكير بنار شهيرة عند البدو كانت تسمى نار الزحفتين، وهي توقد من نباتات خفيفة، مثل القش أو الشيح أو البلان أو القيصوم، وفي أول أمرها ترتفع عالية حامية متلاعبة الألسن أجاجة، مما يضطرك أن تزحف بعيداً عنها، وعن صلي حرها، لكن ما هي إلا لحظات، حتى تخمد وتفتر، فتضطر أن تزحف هذه المرة مقترباً منها، علك تجد دفئاً صار مفقوداً ولهذا تسمى بنار الزحفتين.
واستنادا إلى علم النيران اللافحة والزاحفة، نطمئن رئيس الحكومة وفريقه بأن هذه الخطب العصماء الصاعقة البارقة ما هي إلا نار زحفتين، وأن الثقة حاصلة وزحفة.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو