الأربعاء 2024-12-11 23:18 م

الثلجة وثلجة مادبا وفنلندا

10:05 ص

.وكأننا كنا بحاجة الى الثلج والانجماد، وتعاسة البلديات وشركات الكهرباء.. لنكتشف قوة الدولة، قرارها، دفاعها المدني، أمنها، قواتها المسلحة، في جبروت الاقناع الجماهيري بأن الاردني يعيش في وطن حقيقي، قادر على الوقوف في وجه العاصف الطبيعي، والعاصف السياسي، والعاصف الامني.. وقادر على تحويل الصعوبات الى فرص كما يقول قائد الوطن.

العاصفة الثلجية وتوابعها، جعلت الاردنيين يعيدون النظر في سلوكهم ازاء بلدهم: فهو ليس بلد الفساد، وبلد التطبيع، وبلد الفقر والبطالة، وانما هو الكبير الذي استوعب كل المراهقات الكلامية، والحزبيات العاجزة، واعطاها كل الفرص لتجرب الشارع ولتجرب البذاءة الخطابية، ولتجرب تشويه كل جميل، واثبت النظام السياسي انه ليس بحاجة الى العطف والحسنة وشراء المواقف، فقد بدأ مكتملاً مع عبدالله الشهيد المؤسس واستمر فتى ورجلاً وحكيماً حتى وصل الى عبدالله الثاني.
***
العاصفة الثلجية ذكرتنا باوائل الاربعينيات من القرن الماضي في مادبا، فقد كنا فلاحين، زراعة وغنما ومواشي كثيرة، وكانت والدتي تحرص على اربع بقرات تعيش في دارنا مع جملين، وطليان الغنم التي يتم حجزها حتى يبقى حليب امهاتها لجهود الرعيان في انتاج الزبدة.
تلك العاصفة كانت كبيرة غطت كل شيء، الامر الذي دعا الى ادخال البقر في احدى غرف التسوية بعد تغطيتها بالقش، ولان البقر هو اكثر الحيوانات انتاجا للدفء، فقد دخلت آلاف عصافير الزرعي الى الغرفة، طلبا للدفء والغذاء ففي فضلات البقر حبوب كثيرة.
المهم، ان الشطار في البيت اكتشفوا الكنز فحملوا المعاسف، وبدأوا باصطياد العصافير بعد اغلاق الباب، ووقتها اكلنا اطيب وجبة.
والثلج والصقيع اخذانا من مادبا الى فنلندا فقد كنا محمد العمد وانا نسافر الى مصدر الورق (وكنت مدير ادارة الدستور)، وفوجئنا بان الثلج والصقيع يغمران بلد الشجر وورق الصحف طيلة ثمانية شهور، وحين وصلنا الى اقصى الشمال الى «فاركوس» لنرى تصنيع ورق صحفنا، كانت درجة الحرارة 24 تحت الصفر، وكنا نركب الطائرة في غدونا ورواحنا الى العاصمة، كنا نبقى اياما في اكثر من زيارة مفاوضات، ولكن لم يحدث ان دخلنا مع اصدقائنا في حديث عن الطقس والبرد والدفء.
.. ثمانية اشهر وليس اربعة ايام، ولكل امرء من دهره ما تعودا.
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة