الجمعة 2024-12-13 19:49 م

الدمار الحضاري!

02:02 م

يشكو السوريون، وقبلهم العراقيون مرّ الشكوى من سرقة وتدمير آثارهم التي لا تقدر بثمن، وقد شهد العالم – على الفيديو – عملية تحطيم آثار نينوى الآشورية والبابلية بالمهدات على يد متعصبي داعش، كما شهد نهب جزء غالٍ من متحف بغداد وكنوزها العظيمة والدبابات الاميركية محيطة به.

والحقيقة ان العصابات المتخلفة المتوحشة ملومة، لكن الملوم الاكبر هما الحكومتان العراقية والسورية، اللتان لم تحافظا على هذه الكنوز الحضارية بطريقة يعرفها الناس:
- فزائر متحف الارميتاج في بطرسبيرج (ليننغراد) يدهش لسلامة معروضاته (8ر2 مليون قطعة) بعد الحصار النازي والتدمير (استغرق 400 يوم) للمدينة الشجاعة، فقد تنبه مارشال ستالين، فنقل هذه المعروضات واخرى مماثلة في فولفوغراد الى ما وراء الاورال، وحين انتهت الحرب قام ستالين باعادة ترميم المتاحف، واستورد الرخام من ايطاليا.. وكانت الدولة تدير مجاعة عظمى، وقايض بنهب روسيا، فقد كان «الفلاح الآسيوي المتوحش» (كما وصفه قادة الغرب) اكثر وعياً واخلاقاً للحضارة الانسانية، من قادة دول عظمى سرقوا الكثير من آثار وكنوز روسيا، ومصر وسوريا وفلسطين والاردن، وهي الآثار والكنوز التي تزين متاحف باريس ولندن وبرلين، كما تزين ميادين الكونكورد وساحات العواصم الاوروبية بالمسلات المصرية العريقة.
لم تشغل حكومات العراق وسوريا بالها قبل العدوان الاميركي والايراني وداعش واخواتها الى المتاحف ولم تنقل محتوياتها.. فقد كانت القضية الحضارية لا تساوي شيئاً امام كرسي الزعيم العظيم، والقائد الى الأبد.
كثيرون من ابناء امتنا لا يجد ان الكنوز الاثرية على هذه الاهمية، لأن رواد المتاحف هم السياح الاجانب وليسوا طلبة المدارس والجامعات العربية، وما يزال الكثيرون لا يفهمون عظمة الفن في تماثيل الالهة القديمة، واباطرة روما، وقد يعتبرونها «اصناماً» تستحق التدمير.. وكأن الاديان العظيمة التي اطلعتها امتنا لم تثبت في يقين الناس وضمائرهم رغم الاف السنين، فهل يخاف هؤلاء المؤمنون من اللات والعزّى ومناة وابوللو ومارس فيحطمون تماثيلها خوفهم على.. دينهم؟؟
نعتبر دمار الكنوز الحضارية لأمتنا اكثر قسوة من تدمير بيوت يمكن اقامة مثلها، ومدن يمكن اعادتها الى الحياة ببضعة ملايين لكن من اين نعيد آثار نينوى، وبيت شمرا وبصرى الشام وتدمر؟ وكيف نعيد ضريح خالد بن الوليد، وأبي العلاء المعري؟!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة