الخميس 2024-12-12 01:28 ص

الربيع الأردني الممكن في انتخابات 2016

03:45 م




ثمة حلقة شريرة في العمل العام والسياسي، لم تخرجنا منها الانتخابات كما الحراك الجماهيري؛ إذ لم نوظف بعد الحريات المتاحة وفرص الانتخابات في حالة تجمع بين الجماهير والناخبين وبين النخب والأحزاب السياسية. فالنخب التي تطلب ثقة الجماهير لم تقدم، ولعلها لا تملك برنامجا عمليا وممكنا تعد به الناخبين.


ويبدو أن الطبقة الوسطى فقدت الثقة بالحكومة والأحزاب والنواب.


بالنسبة للمواطنين، هناك تطلعات إلى حياة أفضل، ووعي بنهايات كبرى جميلة.


لكن أحدا لا يقول ما المحطات والإنجازات الممكنة والسابقة لهذه النهايات العظيمة! كيف نعيد إنتاج الحراك الإصلاحي من خلال الانتخابات النيابية؟ كيف يمكن أن تحول الانتخابات النيابية الوعي الوطني الذي تشكل في 'الربيع' أو حول شبكة المعلوماتية والاتصال التي غيرت في أدوات ومعارف الناس، إلى برامج عملية يمكن التجمع حولها؟


الإصلاح، ببساطة، هو تصحيح العلاقة بين الموارد العامة وإدارتها على النحو الذي يعيد توزيعها على المواطنين بعدالة وكفاءة، ويجددها ويزيدها باستمرار، وينشئ مؤسسات ومنظومات اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية ناشئة عن هذه العلاقة الصحيحة والعادلة ومستمدة منها.


فلأجل حماية مواردها وتنميتها وتجديدها وتوزيعها بعدالة، تنشئ الشعوب والمجتمعات أنظمة اقتصادية وسياسية واجتماعية تعبر عن ولايتها على مواردها وعن تطلعاتها هذه. وفي كفاحها الدائم للإصلاح، أنشئت مجموعة من المبادئ والأفكار والثقافات المستمدة من ملاحظة الخلل في العلاقات بين الموارد وإدارتها، أو ما يطور هذه العلاقة ويجعلها أفضل. هكذا كانت قيم الحق والخير والجمال والعدل والحرية، ونشأت الهوية والفكرة الجامعة للمواطنين كأساس للعقد الاجتماعي والتجمع حول الأهداف والمصالح.


ولتطبيق ذلك نبحث ونفكر على الدوام كيف تكون السلطة التنفيذية معبرة عن ولاية الناس على مواردهم وبلادهم، وكيف يمكن اختيارها هذه السلطة ومحاسبتها. وهذا ينعكس بوضوح في تطوير وتفعيل الخدمات الأساسية في التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، والارتقاء بمستوى المعيشة والاحتياجات الأساسية في الصحة والتعليم أيضا وفي الغذاء والسكن واللباس، والانتماء والمشاركة.


ولأجل المشاركة مع السلطة التنفيذية وحماية الأفراد والمجتمعات من تغول السلطة عليها، يجب تمكين المجتمعات والطبقات الوسطى للتشكل والتجمع حول مصالحها وأولوياتها، ولأداء دورها وامتلاكها الفرصة في التنافس العادل والارتقاء وفي إدارة شؤونها وأعمالها، وتطوير المؤسسات المعبرة عنها (الحكم المحلي والبلديات، والنقابات المهنية، ومنظمات المجتمع المدني) لتعبر عنها وتمثلها بعدالة وأمانة.


والنخب التي تقود العملية السياسية والمجتمعية يجب أن تعمل في بيئة تجعلها قابلة للتدوير؛ بمعنى أن يكون الارتقاء في الوظائف والفرص في القطاعين العام والخاص والمجتمعات على أسس عادلة من التنافس والتقييم والمراجعة، بحيث يرتقي الأفضل ويخرج المقصر.


وفي تشكل المجتمعات والقطاع الخاص حول الموارد، يتجه الإصلاح إلى تطوير وتشجيع الأعمال والمهن باعتبارها المورد الأساسي لمعظم المواطنين، ولامتلاك الفرصة في المشاركة في الاقتصاد العالمي القائم على المعرفة، وتطوير الزراعة والمياه والطاقة والصناعات والأعمال والمهن القائمة حولها باعتبارها المورد الأساسي العام للدولة والمواطنين وأساسا للانتماء للدولة والمكان والرواية المنشئة للمجتمعات والدول، وأساسا لقيام ونشوء البلدات والتجمعات السكنية. وتتشكل في هذه الحالة علاقة تحتاج إلى مراقبة وإصلاح دائمين، وهي العلاقة بين السلطة التنفيذية والقطاع الخاص، والعلاقة بين المجتمعات والقطاع الخاص.


وتعبر عن هذه العمليات والحالات الناشئة منظومة ثقافية تقوم على تطوير وتشجيع الثقافة والفنون على النحو الذي يزيد الموارد ويجددها، ويحسّن حياة المواطنين، وينشئ منظومة من قيم التمدن والانتماء والمشاركة وأسلوب الحياة، وبالمحصلة الثقافية والاجتماعية الناشئة عن الإصلاح يمكن ملاحظة التقدم والنجاح.


فعندما تنشأ حياة ثقافية وأساليب حياة جديدة، تنشئ حياة مدنية وأنماطا من الفكر والسلوك والفلسفة مستمدة من هذا الإصلاح والوعي المنشئ له، فهذا يعني ببساطة أن الإصلاح يسير في طريقه وأهدافه المفترضة.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة