الجمعة 2024-12-13 11:38 ص

الشرود الذهني .. وسوء التركيز

12:50 م

كانت رندة تحلم بمركز مرموق في الشركة حيث تعمل منذ 7 سنوات، وها هي تحصل عليه على رغم وجود المنافسين، وذلك مع إضافات مالية مكّنتها من تغطية متطلّبات عائلتها الإقتصادية، وتَرافق تطوّرها المهني مع حلّ مشكلات عائلية مزمنة. هي تشعر بأنها محظوظة للتغييرات التي دخلت حياتها دفعة واحدة، إلّا أنها بدأت تعاني التشتّت الفكري، وعدم القدرة على التركيز. فما هي هذه الحالة؟ ما أسبابها، وطرق علاجها؟ الشرود الذهني، ضعف التركيز، والنسيان الكلي أو الجزئي للأمور، يشبه عدم التكيّف مع حالة معينة، أو زمانها أو مكان حدوثها. فمَن يستمع لفكرة معيّنة قد لا يتمكن من التركيز، ويشرد في مكان أو زمان آخر، لأسباب متعلّقة به شخصياً، بالموضوع، أو بالطرف الآخر.


أسباب الشرود

إنشغال الفكر بأشياء لا تمت للواقع بصلة، أو بلا شيء، قد ينتج عن الضوضاء والفوضى، وعن عدم راحة لا تسمح للشخص المعني باستجماع قواه الفكرية. كما قد تسرق المظاهر الخارجية انتباهه، كالملابس والتبرّج، والثراء والترف الزائد، أو حتى حالة إنسانية أو وضعية مثيرة.

قد لا يستثير الموضوع اهتمامنا فنفكر بأمر آخر، أما ما قد يُفقدنا الإهتمام يمكن أن يكون استرسال المتكلم وإسهابه، والدخول في تفاصيل لا تهمّنا أساساً، فنُصاب بالملل. وقد يؤدي استعمال لغة أو مصطلحات غير مفهومة للنتيجة نفسها. وتلعب شخصية المتكلم والكاريزما التي يتمتع بها دوراً في جذب الإهتمام والإصغاء بانتباه لما يقول.

ومن العناصر المهمة أيضاً، درجة الصوت المفهومة، دون المبالغة في رفعها أو خفضها، كي لا تصبح مزعجة، منفرة. قد نشرد بسبب انشغال عقلنا اللاواعي بحلّ أمور عالقة لم نتمكن من حلّها، مثل المشكلات العائلية والإقتصادية والإجتماعية. كما يسبب تراكم مسؤولياتنا فقدان التركيز على أيّ منها، فننتقل من مشكلة إلى أخرى دون التمكّن من الإنجاز.

وهنا تحديداً تكمن مشكلة الضغوطات اليومية التي يئن تحت ثقلها المواطن اللبناني، وهو كلما ازداد إنتاجه ازدادت متطلباته اليومية. ويرتبط ذلك بالتفكك الأُسري الذي يتزايد في مجتمعنا، ويسرح فيه المواطن في عالم الخيال.

قد نرفض ضمنياً أمراً لا يناسبنا، فنمتنع عن تركيز انتباهنا عليه لشدة معارضته، كأن يحظى زميل لنا بمركز لطالما حلمنا به، فنشرد. كما قد يتسبب بعض الإضطرابات النفسية بعدم التركيز، مثل القلق المرضي، الوسواس القهري والإكتئاب.

وقد ينتج السهو والشرود عن تناول بعض الأدوية والمهدئات، والمنبهات. إلى ذلك، رفض فكرة فقدان شخص أو شيء عزيز يدفعنا إلى التذكّر والتخيّل، والدخول في حالة هذيان، ما قد يستوجب استشارة الطبيب النفسي.

وللإدمان على المواد المخدِّرة والكحول تأثير مباشر على التركيز والوعي التام، بالإضافة إلى الإدمان على بعض العادات كالميسر والعلاقات الجنسية، ولا تقلّ عنها أهمية تلك الألعاب الإلكترونية ووسائل التواصل الإجتماعي.

أما الأسباب البيولوجية لضعف التركيز فتنتج عن اضطرابات في الغدد والهورمونات، مشكلات سمعية وبصرية، نقص في بعض الفيتامينات التي تؤثر على الإنتباه مثل ما يُعرف بفيتامين الأعصاب، الحديد، السكر، ب12 وارتفاع درجات حرارة الجسم وغيرها.

كما تلعب صحة الغذاء وساعات النوم الضرورية دوراً هاماً في القدرة على التركيز، بالإضافة إلى ضرورة القيام بالنشاطات الرياضية لثلاث ساعات أسبوعياً على الأقل. أما في حالات الحب والعشق والهيام، فيعيش الشخص الولهان حالة تشبه أحلام اليقظة، ما يبعده كذلك من الواقع ويؤخّر إنجازاته، فيستحضر خلال ساعات العمل صورة الحبيب وكلامه المعسول وغير ذلك.

الحلول

عند الشكوى من عدم القدرة على التركيز، لا بدّ بدايةً من استبعاد الأسباب البيولوجية، وبعدها الإنتقال إلى مراقبة طريقة عيشنا من غذاء وماء ونوم، بالإضافة إلى حاجة أجسامنا للرياضة والراحة والإسترخاء.

أما في حال عدم القدرة على تحديد أسباب تشتّت أفكارنا، قد يساعدنا على ذلك المعالج النفسي من خلال بعض التمارين الممكنة، بالإضافة إلى المرافقة عبر جلسات علاج سلوكي معرفي، وعلاج بالإيحاء وغيرها.

تمرين لمَن يشكو من عدم القدرة على التركيز:

التأمّل بالأشياء الموجودة في أيّ مكان، قد يكون المكتب، غرفة النوم الخزانة وحتى البراد. محاولة حفظ الأغراض الموجودة، وتعدادها من خلال الذاكرة، مراراً. وبالإمكان طلب المساعدة من أحد في ذلك. إنّ هذا التمرين مفيد جداً وتشبه نتيجته تمريننا لعضلات معيّنة في أجسادنا من خلال التمارين الرياضية.

وينصح متخصّصو العلاج الطبيعي، شرب كوبين من عشبة إكليل الجبل مرتين في اليوم، ما يساعد على التخفيف من الشرود وضعف الإنتباه.
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة