الوكيل - يرى متابعون ومثقفون أن المدينة، بشكل خاص، والوطن بشكل عام، بدأت تحتل مساحة واسعة في ديوان الشعر العربي الحديث، بحيث اصبحت منافسة لحضورة المرأة/ الحبيبة في قصائد الشعراء، ويعيد بعض المتابعين ذلك الى مجموعة من الظواهر والدلالات، من بينها نمو ظاهرة الشعور بالانتماء او الغربة لهذه المدينة او تلك، إضافة لوقوع بعض المدن تحت الاحتلال كالقدس وبغداد على سبيل المثال، ما يجعل من حضورها في وعي الشاعر وقصيدته جزء من رسالة وطنية وأخلاقية الى درجة ان عددا من رموز شعر المقاومة المعاصرة تبادلت في قصائدهم الأدوار بين المدينة والمرأة وبين الوطن/ المرأة، في اشارة الى طبيعة العلاقة الانسانية التي ينظر الشاعر من خلالها الى المرأة.
«الدستور»، توجهت الى عدد من الشعراء في محاولة لقراءة طبيعة العلاقة بين المرأة والمدينة الوطن.
د. راشد عيسى:
الوطن، المدينة، القرية، وسائر المساكن الجغرافية كلها من عائلة المكان المتحد بالضرورة بوجدان الإنسان، شاعرا كان أم راعي جاموس، غير أن المدينة متغيرة عند الشعراء على مرّ العصور، فالعصر الحديث شهد اتجاها رثائيا للمدن وحذرا متخوفا من أخلاقها التجارية، فالمدن بعامة ضد البساطة والبراءة وضد الصباح الطازج وصياح الديكة وهرولة القطيع الى المرعى، أي أن المدينة ضد الحرية، وثمة تشابه كبير بين المدينة والمرأة، لذلك هجا بعض الشعراء المدن الكبيرة المزدحمة بسبب سوء التفاهم بينهم وبين عادات المدن المكتظة بالضجيج والتناقض، ولم يفلت من الهجاء إلا بعض المدن القليلة كالقدس مثلا وذلك لطهارتها ولحزنها الطويل ولأنها أرملة مظلومة، وبالوقت نفسه نجد مدينة مثل عمان قيل فيها مدح شعري كثير وهجاء قليل وذلك لأنها صبية ناشئة لم تتلوث بعد بخلاف المدن الانتهازية، على أن بعض الشعراء جعلوا من الوطن رمزا للحبيبة أو العكس وبذلك اتجه عدد من الشعراء الى انوثة المكان بحثا عن الأمن والسكينة والحب.
الناقد عبد الله رضوان:
هناك مقولة للمتصوف الكبير ابن عربي يقول فيها «ان المكان الذي لا يؤنث لا يعوّل عليه» فالأنثى -الجانب الأكثر انسانية وإشراقا لدى المرأة-انما تمثل حالة الاندغام والتواصل والخصب بل والحلولية العميقة بين الانسان والمكان، لذا فإن ما قد نراه تحوّلا في مركز العشق انما يمثّل وجها آخر له، بالطبع مع عدم تناسي خصوصية العلاقة بين المبدع والمكان بالمفهوم (الباشلاري)، حيث المكان هو نحن بعلاقاتنا وتوتراتنا وفرحنا ومكوناتنا الحضارية والاجتماعية والانسانية، وبخاصة ان الانسان والمبدع منه بخاصة حنون مع وسطه المحيط يؤنسنه فيصبح جزءا من ذاته، وحين ينجح في تذويته فإنه يصبح جزءا فاعلا من التجربة، لذا لا دهشة ولا مفاجأة من استخدام المكان والانحياز له، شريطة ان لا يكون ذلك بديلا عن المرأة الحبيبة، فهي الأساس والجوهر وعميق المعنى الانساني. لكنها حبيبة صعبة المنال في زمن الانترنت والفيس وسيطرة العالم الافتراضي.. الحبيبة أولا.. والمكان بعد ذلك.
الشاعر غازي الذيبة:
المرأة وطن الرجل، ملاذه، أما وحبيبة وأرضا، وفيما تنطوي هذه الفكرة على حاضن ربما، يمتلك كل العناصر التي تبعث فيه قوة الجمال والمعنى، وتبث في ارجائه الانوثة، بما تحمله من عناصر للوجود، فإن ما جاء به ابن عربي حين قال كل مكان لا يؤنث .. لا يعول عليه، كان يفضي الى هذه المساحة النبيلة من المعنى.
وما يحكى عن ذهاب الشعراء الى المكان بديلا عن المرأة، تلك التي حملتها قصائدهم، لا ينزاح الا باتجاه عدم الدقة، فالمرأة هي الوجود، وحين يذهب الشعراء اليها في خطابهم، فهم يحملون ما تنطوي عليه من رمزية ودلالة في معناها الوجودي، خصبا وجمالا وأمومة والهة، وحين يذهبون الى المكان، فإن ملاذهم في سفرهم هذا، اقتراب من تلك الفضائل، فضائل المكان، الأنوثة العابقة فيه، لما تحمله فكرة الأنوثة التي في المرأة، من تحقيق لتشوقاتهم في المكان، ذاك الذي يصبح ذكرى، ويغدو حضنا، وأمرأة واغنية وفضاء فسيحا من المؤنثات.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو