الجمعة 2024-12-13 17:49 م

الطفيلة .. محلات متصدعة تحكي قصص الاجداد

01:31 م

الوكيل- لم يتبق في سوق الطفيلة القديم سوى بضعة تجار يستذكرون قصص الأجداد الذين ارتادوا جنبات هذا السوق أو عملوا فيه، منهم من قضى نحبه، وقلة منهم بلغ التسعين، فيما قناطره وواجهاته المتصدعة تستغيث شوقا لإحيائها بعدما صدعتها عوامل الطبيعة فهجره التجار.


وشكل سوق الطفيلة التجاري القديم عبر الحقب التاريخية مركزا تجاريا يحتضن المحال التجارية التي بنيت من القصب والطين إلى جانب دوره الإعلامي والإخباري الهام، حيث وجد فيه الأجداد مركزا إعلاميا وملتقى يجدون من خلاله الأخبار في زمن لم يكن فيه لوسائل الإعلام ظهور عند عامة الناس.

وفي ساحات السوق التي تعبق برائحة البخور والبهارات لا زالت القناطر القديمة تحكي قصص الأجداد الذين وطئت أقدامهم عتباته للتسوق دون تزاحم أو تنافس، حيث السلع المعروضة ترتبط بحياة الناس وطبيعة عملهم الزراعي، مثل مناجل الحصاد وآليات نقل المحاصيل الحقلية الى جانب المواد التموينية، من سكر وشاي وقطين وغيرها من السلع الشائعة في ذلك الزمان.

وعلى مقربة من سوق الطفيلة تقبع قلعة الطفيلة التاريخية شامخة تطل على وادي الغوير السحيق بمناظره الطبيعية الخلابة وإطلالتها على البحر الميت، مشكلة لوحة فنية ومنظرا طبيعيا خلابا تتداخل معه التضاريس الصخرية مع بساتين الزيتون المعمر منذ مئات السنين.

ويستذكر كبار السن محمد القوابعة وسلامة العجارمة ومحمد المعابرة وغيرهم عندما كان السوق التجاري ملاذا للباحثين عن المستجدات من الأخبار والقضايا التي يعانيها الناس ليجلس الرجال، متحلقين بين جنبات السوق، وعلى مسامعهم خرير المياه من عيون مياه شلحى والعنصر، فيما ينشغل آخرون في لعبة السيجة ودخان الهيشة، والتسوق بجانب حي القطيفات الذي يضم عشائر القطيفات السبع.

وعلى مقربة من السوق يقع مسجدا الحميدي والنشاش الأقدم في الطفيلة، فيما كانت 'المقايضة' حسب العديد من المسنين الوسيلة الأبرز لعمليات التجارة في السوق حيث تقايض مشتقات الالبان، بمستلزمات الزراعة كالمناجل والقوادم ومعدات الحراث وغيرها كالمواد التموينية مثل الشاي والسكر.

تجار سوق الطفيلة القديم الذين لم يتبق منهم إلا نفر قليل يأملون بأن تطال مستودعات سوقهم مشروعات الصيانة الخاصة بالمباني التراثية القديمة والتي يعد هذا السوق احدها ليتسنى لهم المضي في تجارتهم عبر السوق الذي بدأت معالمه تختفي حسب التجار مع مضي السنين.

هؤلاء جميعا يطالبون بلدية الطفيلة الكبرى ووزارة السياحة بشمول سوقهم القديم بمشروعات التطوير والصيانة الخاصة بالمباني التراثية القديمة، نتيجة تعرض أبنيته للتصدع والتآكل، بسبب العوامل الطبيعية التي اثرت عليه عبر السنين الماضية.

وبين التاجر عبد الله موسى عمرو يشاطره العديد من تجار السوق أنهم يزاولون تجارتهم في هذا السوق منذ 60 عاما في هذا السوق الذي تجاوز إنشاؤه المئة عام لم يجر خلالها اية عمليات صيانة للواجهات والأسقف التي بدأت تتشقق مع الزمن.

كما أكد تجار السوق اهمية المحافظة على المباني التراثية في السوق الذي لا زال يشهد حراكا تجاريا، بمحلاته التجارية التي تناقلها الابناء عن أجدادهم، فيما يأملون ان تعاد الواجهات الامامية لهذا السوق كسابق عصرها لتضفي جمالا على احد المعالم التاريخية وسط مدينة الطفيلة .

ووفق مصدر من وزارة السياحية فإنه تم إدراج سوق الطفيلة القديم بخطط التطوير السياحي إذ سيتم تطوير شارعين يعتبران من أقدم شوارع الطفيلة، أحدهما الشارع الذي سيطلق عليه اسم الشارع التراثي، ويقع بشكل مجاور للقلعة، والآخر الذي يخترق سوق الطفيلة القديم والذي يوصل إلى قلعة الطفيلة.

وبين أن خطة التطوير ستوفر مناخا استثماريا سياحيا في المنطقة وينعش الحياة الاقتصادية فيها عدا عن شمول منطقة القلعة وشارع السوق القديم بالتبليط وإيجاد سلالم وأدراج، وإعادة بناء الواجهات القديمة للمباني الحالية على الطراز المعماري القديم للحافظ على الجمال التراثي لها ونشر لوحات تحمل معلومات تعريفية عن تاريخ المنطقة.(بترا)


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة