الجمعة 2024-12-13 13:39 م

"العمل الدولية": الأردن تكبد خسائر اقتصادية كبيرة جراء اللاجئين السوريين

10:49 ص

الوكيل - تكبّدَ الأردن على مرّ السنوات عناء احتضان اللاجئين على أرضه من مختلف البلدان، وأصبح هو البلد العربي الأكثر احتضاناً للاجئين، وهذا ما جعله يتحمل ضغوطات كثيرة من جوانب عديدة أهمها؛ الجانب الاقتصادي وسوق العمل المحلي.

وكانت جنسيات اللاجئين الذين عاشوا في المملكة طيلة هذه السنوات، بدءاً من الجزء الأخير للقرن التاسع عشر حين كان الأردن ما يعرف بإمارة شرق الأردن، بدءا باستقبال عدد من الشركس والشيشان، وبعد ذلك لجأ الآشوريون والأرمن للأردن هربا من الأوضاع المضطربة في أوطانهم، ومن ثم استضاف أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين بأرقام تاريخية تفوق أي بلد آخر في العالم.
وقبل الأزمة السورية شهدت المنطقة الحرب على العراق والأزمة العراقية العام 2003، والتي أدت إلى لجوء أعداد كبيرة من العراقيين إلى المملكة من اللاجئين وطالبي حق اللجوء السياسي وبحسب تقديرات الدراسة التي اجراها المعهد النرويجي للأبحاث (فافو) وصندوق الأمم المتحدة للسكان تم تسجيل ما يقارب 500 ألف لاجئ عراقي في العام 2007 وما يزال الكثير منهم يعيشون في الأردن إلى يومنا هذا.
وقد تم تشكيل المواطنة الحديثة في الأردن بتأثير العوامل التاريخية والعلاقات الاقتصادية والإقليمية والضغوط الخارجية من الدول الأخرى.
من الشركس والشيشان اللاجئين من مناطق القوقاز والبلقان الذين أعيد توطينهم من قبل العثمانيين في سورية والأردن. وفي الوقت نفسه، كان البدو يستوطنون بالقرب من مناطق النشاط الاقتصادي مع المدن القديمة في الخليل ونابلس وغزة منذ فترة طويلة مما خلق روابط اقتصادية وثقافية واسعة قائمة إلى هذا اليوم.
وعلى مدى العقود القليلة الماضية كان الأردن شريكا مهما مع سورية في تداول السلع والخدمات مع سهولة تدفق العمال بين البلدين.
وفي الواقع، وقف الأردن جنباً إلى جنب مع لبنان والعراق في الامتناع عن تنفيذ أو تأييد عقوبات الجامعة العربية ضد سورية.
وفي إطار مواجهة التوترات والضغوط على موارد الطاقة والموارد البيئية والضغوط على الأجور الوطنية للعاملين تستمر واشنطن وغيرها من الدول الأخرى في دعم الأردن للحفاظ على سياسة الباب المفتوح أمام اللاجئين السوريين.
وبحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فإن ما تم تسجيله في السجلات الرسمية أنّ الأردن استقبل إلى الآن أكثر من 650 ألف لاجئ سوري وأن عدد اللاجئين السوريين غير المسجلين رسمياً يقدر عددهم حوالي 741 ألف لاجئ.
وتشير تقديرات أخرى إلى أنّ عدد اللاجئين السوريين في الأردن بين 750 ألف لاجئ ومليون لاجئ موزعين على 20 % يقيمون في المخيمات و 80 % في المجتمعات المضيفة.
ووفقاً لتقديرات المفوضية، فإن نسبة 80 % تتركز في كل من المناطق الريفية والحضرية خارج المخيمات وبشكل كبير في أربع محافظات رئيسية في الأردن.
ومن المعروف أنّ السوريين لم يأتوا إلى الأردن للسعي نحو اللجوء فقط، ولكنهم يطمحون في ايجاد عمل والانخراط في سوق العمل الأردني.
ومن الجدير بالذكر أنّه كانت هناك اتفاقية مبرمة بين الأردن وسورية من أجل التعاون في القوى العاملة لسنوات عديدة، وكان هناك أيضا عدد من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين المتعلقة بالتجارة الحرة والتعاون الاقتصادي.
وعلى الرغم من صعوبة الحصول على أرقام دقيقة نظراً للبيئة المشحونة سياسياً وعدم وجود التتبع الكافي إلا أنّ الرقم الأكثر شيوعاً حول عدد العمال السوريين في الأردن يبلغ 160 ألف عامل سوري وهذا الرقم الشائك تتمحور حوله عدة تحديات من عدم اليقين من وضع هؤلاء العمال، هل تمّ تسجيل اللاجئين الملتحقين بسوق العمل؟ أم أنهم يعملون دون الحصول على تصاريح؟ أو هل هؤلاء العمال كانوا موجودين مسبقاً قبل الصراع السوري الحالي؟ هذه التساؤلات جميعها تشكك في عدد العاملين السوريين، ولكن التقدير الأكثر منطقية هو أن تكون جميع هذه الأسباب التي أعطت هذا العدد. ولكن نظراً إلى قيام الحكومة الأردنية بالطرد المستمر للعمال غير الشرعيين، ومن هنا تصبح الأسئلة مهمة جداً عند النظر في الحظر القانوني الدولي ضد الإعادة القسرية للاجئين.
ومن المهم أيضاً التشديد على الاعداد الكبيرة لعمالة الأطفال والقاصرين في سوق العمل وأن هناك مخاوف خطيرة بشأن هذه الأعداد المتزايدة بشكل ملحوظ من كلا السوريين والأردنيين.
وفي الحقيقة التي نتغاضى عنها أنه حين يصل اللاجئون السوريون إلى البلدان المضيفة فهم بالفعل لا يملكون شيئاً بالمقارنة، مع مواردهم الاقتصادية السابقة.
وتكمن معاناة اللاجئين في الحصول على حقوق الإقامة وتصاريح العمل الرسمية وفي حال انتهائها يضطرون إلى البحث عن وسيلة للعثور على دخل من خلال سوق العمل غير الرسمي في الأردن من أجل توفير احتياجاتهم واحتياجات أسرهم. وبحسب تقارير وسائل الإعلام المستقلة المحلية والدولية ووزارة العمل ومنظمة العمل الدولية ووكالات الأمم المتحدة، فإن اللاجئين السوريين هم المؤثر الرئيسي على سوق العمل الأردني، وخاصة في القطاعات غير الحكومية كونهم يقبلون بأدنى حد للأجور.
وقد أعطت الحكومة الأردنية الأولوية للاجئين السوريين على غيرهم من المواطنين الأجانب للتقدم بطلب الحصول على تصاريح عمل ولم تتنافس في بداية الأزمة مع الأردنيين.
ومع ذلك، وبالنظر إلى المهارات المنخفضة عموما من العمال السوريين إلا أنه هناك تنافس قوي جداً مع العمال الأردنيين ذوي المهارات المنخفضة على الوظائف ذاتها.
وهو ما أدى إلى عدم تقديم العمال السوريين على تصاريح أو عدم حصولهم عليها أصلاً، فدفع الكثيرين إلى الانخراط في سوق العمل دون تصاريح عمل رسمية.ورغم أن أرباب العمل يطالبون بدفع ثمن تصاريح العمل للعمال لديهم بموجب القانون الأردني لكن ينتهي الأمر بأن يدفع العمال عن أنفسهم.
وتتراوح تكلفة الحصول على تصريح عمل ما بين 170 إلى 370 دينارا أردنيا أي ما يقارب (240 إلى 522 دولارا أميركيا) وهذه تكلفة عالية جداً بالنسبة لمعظم اللاجئين، بالإضافة إلى أنّ الكثيرين منهم دخلوا الأردن دون أية ممتلكات شخصية من هويات شخصية أو جوازات السفر، والذي هو شرط أساسي للحصول على تصريح العمل، ما يجعل الأمر معقدا جداً عليهم فتضطرهم الظروف إلى العمل دون تصاريح وبأي أجر.
وفي العام 2014 صدرت دراسة عن منظمة العمل الدولية تناولت الأثر الاقتصادي للاجئين السوريين في الأردن من حيث معدلات مشاركتهم والأجور التي تلقوها والتأثير العام على العمال الأردنيين، من ناحية إيجابية أخرى أنعشت الاقتصاد الأردني، وبلغ حجم الاستثمارات السورية المتراكمة في المناطق الحرة في الأردن منذ اندلاع الأزمة السورية حوالي 50 مليون دينار أردني أي ما يقارب حوالي 71 مليون دولارا أميركيا.
ويجدر بنا الحديث عن الفوائد التي تمتع بها الاقتصاد الأردني من هذه التدفقات الاستثمارية السورية المباشرة ، ليس على صعيد الاقتصاد فقط بل ووفرت وظائف وفرص عمل لكل من الأردنيين والسوريين.
وفي الواقع ما لا يتم الحديث عنه كثيراً أنّه ليس جميع اللاجئين السوريين ضعفاء، بل هنالك العديد من الصناعات السورية التي انتقلت إلى الأردن لتكون هذه نقطة البداية والتغيير المحوري من تأثير الأزمة السورية على الأردن.
ووفقا للوائح الأردنية فإنه يتم تشجيع الشركات السورية بشكل كبير للتسجيل والتشغيل في سوق العمل الأردني.
مما يمكن أن يجلب العمال السوريين المهرة بنسبة تتراوح ما بين 30 ? في المدن الكبيرة إلى 60 ? لتصل إلى المناطق النائية والمصانع في المدن الصناعية ومناطق خارج مراكز المحافظات وفقاً لاحتياجات التنمية في المحافظات ضمن ضوابط محددة.
ويتم التوظيف في هذه الشركات للاجئين السوريين الذين يفضل أن يكونوا متواجدين يعيشون في الأردن بدلاً من المواطنين السوريين المهاجرين لأغراض العمل فقط. وكما تميل هذه الشركات إلى أن يتمتع العاملون بالموهبة والمهارات وتنظيم المشاريع من أجل دعم اللاجئين من خلال تشريع وإجازة التوظيف الذاتي للاجئين.
ويمكن للأردن استكشاف سبل لضمان وسائل يتمكن من خلالها اللاجئون من بدء أعمال تجارية والانخراط في أنشطة تنظيم المشاريع التي يمكن أن يستفيد اقتصادهم على المدى الطويل.
ومنذ منتصف العام 2013 يعمل الأردن مع منظمة العمل الدولية في مشروع 'تعزيز الوصول إلى فرص العمل وسبل العيش في المجتمعات المضيفة' التي تقدم الدعم الفني لتصميم مبادرات التنمية الاقتصادية المحلية والتدخلات في توفير فرص العمل. وكما يعمل الأردن كذلك بشكل وثيق جداً مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي تشمل أنشطته برنامج تنمية ومبادرات تحسين بيئة الأعمال وزيادة القدرة على خدمات التوظيف والأعمال الاستشارية.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة