الإثنين 2024-12-16 02:39 ص

الغرايبة: "الإخوان" يحتكرون الخطاب الإسلامي

11:55 ص

الوكيل - رفض مهندس المبادرة الأردنية للبناء، التي باتت تعرف بمبادرة “زمزم” الدكتور ارحيل الغرايبة، استمرار ربط الحديث عن مبادرته بجماعة الإخوان المسلمين، وهو القيادي فيها، ليجدد التأكيد أن المبادرة اختطت مسارا بعيدا عن “المناكفة”، وأنها إطار واسع يضم “الإخواني” و”غير الإخواني”.


وأكد الدكتور الغرايبة، في حوار مع “الغد”، قناعته بأن جماعة الإخوان المسلمين هي كسائر الحركات الإسلامية في المنطقة تحتاج إلى مراجعة داخلية لرؤيتها السياسية، وأنها احتكرت الخطاب الإسلامي “الضيق”، ولم تعمل لا هي ولا القوى السياسية الحزبية على تحييد الانقسامات السياسية، ما أثر سلبا على حجم الاحتجاجات الإصلاحية في الشارع، والتي وصفها بأنها “لم تصل الى الانجاز الكبير”.

وذهب الغرايبة، الذي اختير منسقا عاما للمبادرة في مؤتمر إقرار الوثيقة التأسيسية لـ”زمزم” في الثامن عشر من أيار (مايو) المنصرم، للدعوة إلى فصل المبادرة عن “الإخوان” في النقد الإعلامي والسياسي، معتبرا أن تأخر الإشهار “في محله” لأسباب متعلقة بحشد التأييد، فيما رجح أن يتحقق ذلك عقب شهر رمضان، بحسب الاجراءات العملية.

وحاول الغرايبة، المحسوب في “الجماعة” على تيار ما يسمى بـ”الحمائم”، مرارا تجنب الرد على بعض التصريحات الإخوانية الرسمية، الملوحة باتخاذ إجراءات تصعيدية ضد أعضاء “زمزم”، غير أنه قال إن أي إجراء سينعكس سلبا على “الاخوان” وليس على المبادرة، داعيا قيادة الإخوان إلى التحاور حول مضامين المبادرة، والكف عن ملاحقتها تنظيميا.

واعتبر الغرايبة أن اتهام قيادة الجماعة “تيار الحمائم” بالفشل خلال إدارتها للجماعة، ما هو إلا “هروب من مناقشة مضامين المبادرة”. وفيما يلي نص الحوار:

• إلى أين وصلت مبادرة “زمزم” في التحضير لمرحلة الإشهار وما هو سبب التأخر في ذلك رغم الترويج له في وقت مبكر؟


- أعتقد أننا نسير بطريقة هادئة ومتدرجة، وخططنا فعلا أن يكون الإشهار قبل شهر رمضان، لكننا نعمل وفق خطوات رأينا أنها لا بد أن تسبق الإشهار، منها إقرار الوثيقة التأسيسية التي شملت الرؤية والرسالة والأهداف والغايات العامة، وكذلك الاتفاق على الآليات ومسارات العمل، لذلك قلنا إنه ليس من المعقول الإشهار قبل توافق الغالبية الساحقة من المؤسسين على الوثيقة التأسيسية، وركزنا على المؤتمر التأسيسي، وأنا اعتبر أن هذا المؤتمر هو الخطوة الرئيسية على طريق الإشهار.

والآن جرت عدة اجتماعات في المحافظات وعقدنا مؤتمرا صحفيا مع الإعلاميين، وبذلك أصبحت الخطوات أمام الإشهار ممهدة، وأصبح هناك تعريف بالمبادرة، فهناك هيئة تنسيقية تدير المبادرة، وفي “رمضان” من الصعب أن يتم الإشهار، لذلك على الأرجح سيكون بعد “رمضان” وبحسب الإجراءات.

• تحدثتم عن التفكير في إطار قانوني لتنظيم المبادرة وإيجاد مقر وهيكيلة لها، هل تبلورت جميعها؟
- هناك مسارات عمل للمبادرة عن طريق الفرق المتخصصة، ولذلك شكلنا فرقا تنسيقية متخصصة في التربية والتعليم والاقتصاد والسياسة والقانون، وفريقا للمرأة والطفل، وللمشاريع التنموية والإبداعية، وكل مسار له فريق سيستعين بأهل الاختصاص من قطاعات المجتمع المختلفة، وليس بالضرورة أن يكون من “زمزم”، وسنشكل أطرا واسعة بحيث نكوّن شبكة من العلاقات، وهذا بالتالي ما يمكن أن تنبثق عنه مؤتمرات وورش عمل ومشاريع ومبادرات جزئية، ومن الممكن أن تكون على كل صعيد مبادرة داخل المبادرة أو جهة معينة أو إطار قانوني جديد.

• هناك نفس سياسي واضح في الوثيقة، وهناك قضايا جدلية لم تحسم عمليا، منها الحديث عن “صبغة شرق أردنية” عدا استمرار الجدل بشأن الانشقاق عن جماعة الإخوان، ما تعليقك؟

- أود التأكيد هنا أننا لا نريد ربط المبادرة بالخلافات مع “الإخوان”، وهذا ما شكل هاجسا للإعلاميين طيلة الفترة الماضية، فالمبادرة ليست مناكفة بالإخوان، بل هي مبادرة لها خطاب معين ورؤية ومسارات ومضامين معلنة نحاول أن تكون مقبولة لدى القطاع الأوسع من الشعب ولا تشكل خروجا على أحد، وأود أن يكون النقاش دوما بشأن مضامينها.

• لكن، نقلت على لسانك عدة تصريحات تفسر تأسيس المبادرة من قبيل الحديث عن تدخل “حماس” في جماعة الإخوان، وإيلاء الحركة اهتماما بالقضية الفلسطينية أكثر من القضايا المحلية المتعلقة بالإصلاح والصبغة الشرق أردنية وغيرها؟

- التصريحات التي أشرت لها وضعت على لساني بطريقة مجتزأة، واعتبرت أن الكلام الذي تم كلاما ليس دقيقا، ورددت عليها في توضيحات، لم أخض بالخلاف مع “الإخوان”، هناك انتقادات سابقة للإخوان هذا صحيح، لكن منذ تم الإعلان عن المبادرة أوقفت هذا المسار لما فيه من هدر للوقت بدون فائدة، لأن المبادرة قائمة على روح الخروج من مربع المناكفة.

أضف إلى ذلك، قلنا هذه أفكارنا وهذه مبادئنا، تعالوا ناقشونا فيها، أما الشبهات وإثارة الشبهات حول المبادرة فهذا أمر طبيعي، وهذا شأن المبادرات الجديدة، لكنني لم أجد من يناقشنا مما أعلنا عنه من أفكار، وبعض الشبهات أمر طبيعي.

• فيما يتعلق بأطروحات المبادرة السياسية، بخاصة الإصلاح السياسي والتدرج فيه، ألا تعتقد ان ثمة تناقضا مع أطروحات سابقة تقدمت بها داخل “الإخوان” على غرار الملكية الدستورية؟

- الطرح في المبادرة، بحسب فهمي وفهم كثيرين من “الإخوان”، لا يتناقض مع فهم “الإخوان” ولا فكرهم، فهو يقوم على التدرج والإصلاح العميق والهدوء والسلمية، وعلى عدم إثارة النزاعات، ومنهج “الإخوان” يقوم على المشاركة والانخراط مع الدولة لا العزلة ولا مقاطعتها، والمقاطعة حدث مؤقت وهو ليس منهجا، وتأتي للتعامل مع حدث طارئ مؤقت ضاغط.

أيضا لا تناقض مع فكر “الإخوان” حول الملكية الدستورية، فهي طرح سياسي يقوم على إصلاح الأوضاع السياسية في الاردن بطريقة سلمية متدرجة للوصول إلى دولة ديمقراطية حديثة بدون استبعاد أي طرف، ولكي يصبح الشعب قادرا على انتخاب الحكومة ومحاسبتها واستبدالها، على غرار الديمقراطيات الغربية على كل المستويات، كما في بعض النماذج الاوروبية كهولندا وبلجيكا وبريطانيا، وهناك نماذج ناجحة مثل ماليزيا، حيث هناك انتخابات عامة وأحزاب سياسية والائتلاف الحاصل على الاغلبية يشكل الحكومة.



• لكن الغالبية العظمى والقاعدة التي تأسست عليها المبادرة تتكون من أعضاء في “الإخوان”؟

- لا، برأيي هناك من يحاول أن يخلق هذا الانطباع، ففي المؤتمر التأسيسي حضرت 300 شخصية، وعدد المنتظمين من الجماعة بينهم لم يصل إلى 15 % حسب تقديري، والبقية من أطياف المجتمع المختلفة، كما أن هناك عددا من المسيحيين النشطاء ومندفعين في المبادرة ويقدمون إسهامات جيدة، بخاصة على الصعيد الاقتصادي.



• ماذا عن “شبهة” صبغة “الشرق أردني” التي تلاحق المبادرة؟

- نحن أعلنا أفكارا ومبادئ ليس لها أي سمة إقليمية أو عنصرية أو طائفية، ونسعى لخلق توافق، وتلك شبهة ألصقت بالمبادرة، بل نسعى لخلق توافق بين المسلمين والمسيحيين وبين أي تنوع عرقي، وما نطرحه لا يقوم على أي نوع من أنواع التمييز، ومن قراءة الأفكار لا أحد يشتم أي رائحة لما تمت إثارته.



• ما رأيك بالانتقادات التي وجهت للمبادرة من رموز في “تيار الحمائم”، كالشيخ سالم الفلاحات والدكتور عبداللطيف عربيات مثلا؟

- برأيي المبادرة مرة أخرى ليست متعلقة بالخلاف الدائر في الجماعة بين الصقور والحمائم، والدليل على صحة ما نقول هو أن هناك من انتقد المبادرة من الطرفين، هذه مبادرة مجتمعية عامة تطرح أفكارها للجميع، وهناك ترحيب واسع وكبير من أطياف المجتمع بها، ونحن نستهدف من لا ينضوي في الأحزاب أو الأطر السياسية القائمة، وهم شريحة عميقة من المجتمع الأردني ومؤثرة، والأوسع في المجتمع، ووجدنا أن الأحزاب والأطر السياسية القائمة غير قادرة على اجتذابها، كل شخص له فكره وينتقد كما يشاء، والمبادرة تسير بطريقة جيدة، مع عدم غلق الباب أمام أي شخص مهما كان انتماؤه الحزبي أو الفكري، نحن حتى الآن لا نجد الأطر التي تستوعب الاندفاع الكبير باتجاه المبادرة، بل نقوم على الانتقاء بطريقة هادئة، والبناء بدون تعجل أو حرق للمراحل.



• ما هي آلية عمل المبادرة في الشق الاقتصادي، لاسيما خلال الحديث عن الشراكة مع القطاع الخاص؟ وهل هناك مشاريع استثمارية مقبلة؟ وماذا عن التمويل؟


- المبادرة قائمة على تشجيع روح المبادرة في المجتمع والإمساك بزمامها، وأن لا ننتظر التعطف للحصول على المكتسبات والحقوق، وليس بالضرورة أن تكون المبادرات الفرعية تحت مظلة “زمزم” بل نسعى لأن يعمل المجتمع على النهوض بذاته، نحن نريد أن تكون روح المبادرة سمة عمل وثقافة سائدة للوصول الى مجتمع متمكن، لأنني أرى أن المجتمعات التي وصلت للتمكين السياسي حققت التمكين الاجتماعي والاقتصادي، والتمكين السياسي هو ثمرة للتمكين المجتمعي على كل المستويات.

أما بالنسبة للتمويل، فنحن نفعل كما فعلت تماما الحركة الإسلامية التي طالما اعتمدت على ذاتها في إدارتها وتمويل نفسها، نحن لا نمول نشاطات، بل نريد من المجتمع أن يشكل المبادرات القادرة على جذب التمويل وإدارة نفسها، وليس لدينا بنكا حتى نعطي الناس، والدعوة هنا للابتكار بإدارة مصالحهم واستغلال ما لديهم من موارد، ولم نقم للآن بعملية دعم مالي ولا غير ذلك، بل هناك بعض الأشخاص معنا يتبرعون لدعم عدد من النشاطات العامة التي نقوم بها.



• هل تسعى “زمزم” لمحاكاة نموذج ما في المنطقة؟

- لكل مجتمع صفته، لكن فلسفة التمكين ناجحة في كل المجتمعات الأوروبية، لذلك لا نريد تجربة ناجحة على صعيد الفئة بل على صعيد المجتمع، نريد مجتمعا متمكنا متراحما على مستوى الدولة والمجتمع، وهناك نماذج تركية وسنغافورية وماليزية وكورية جنوبية، وهي جميعها محل دراسة وعبرة.



• كيف تعاطت النخب السياسية والرسميون حتى الآن مع المبادرة؟

- هناك قبول واسع لما طرحناه، وفي رأيي أن المسارات مقبولة منطقيا وعقليا، فهناك المسار الأول المتعلق بمفهوم الإسلام الواسع المعتدل، الذي يسعى لأن يكون الإطار الحضاري الواسع للأمة ومصدرا لهويتها، ولا نريد أن نجعل منه خطابا تفريقيا أو تقسيميا، وأعتقد أن من يطرح فكرة الإسلام يجب أن لا يجعل من نفسه محل خلاف في مجتمع إسلامي، وأنا أدعو الحركات الإسلامية أن تطور خطابها في هذا المجال، كما أنني لست مع الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية التي تحتكر الإسلام فكرا وحضارة وعقيدة، بل أرى ضرورة أن تشتق برنامجا من الفكر الإسلامي، وهذا اجتهاد بشري وإن فشل يكون الفشل للمجموعة التي تبنت البرنامج فقط وليس فشلا للإسلام.

أما بالنسبة لبقية المسارات التي طرحناها، فهناك مسار مغادرة مرحلة المناكفة والمنافسة بين القوى السياسية، لتقليل الشرخ والانقسام الحاد بينها، قبل أن تذهب إلى صناديق الاقتراع، وهذا ما حدث في مصر، عبر البحث في صيغة تشاركية تشترك فيها كل القوى السياسية، والاتفاق على المرجعية الوطنية العليا، حتى لا نحتكم إلى الاستفراد في المشهد السياسي والصناديق، وهذا المسار يتمثل بالدعوة لمرحلة العبور المجتمعي نحو الحرية والديمقراطية.

• وعلى تلك الأسس تجنبتم تسمية المبادرة بوصف متعلق بالإسلام؟

- بالضبط، وأنا أدعو كل الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية أن لا تسمي كلمة إسلامي في تسمية حزبها حتى تكون جزءا من هذا النسيج، وأن تطرح برنامجا مشتقا من فلسفة الإسلام، ومن المرفوض أن تجعل مجموعة من نفسها محتكرة لفهم الإسلام وإطاره، وتريد أن تفرض رؤيتها على المجتمع، لأنها بذلك ستلحق ضررا بنفسها وبالإسلام وبالمجتمع معا.



• هل هذا يعني أن جماعة الإخوان المسلمين في الأردن احتكرت الخطاب الإسلامي؟

- لا، أنا أطرح مفهوما عاما ولا أريد أن أسمي الآخرين، من يقرأ كلامي يستطيع أن يقارن دون ان يسمي.



• لكن أنت ما زلت قياديا في جماعة الإخوان ومن حقك أن تنتقدها؟

- نعم مع أنني عضو في الإخوان، لكنني أشعر أن هذا هو فكر الجماعة الأصيل، فالإمام الشهيد مؤسس الجماعة قال: “..أيها الإخوان أنتم لستم حزبا سياسيا، ولستم جمعية خيرية محدودة المقاصد والأغراض، أنتم روح جديدة تسري في الأمة”، ولذلك برأيي أن الحركة الإسلامية أرادت أن تقود مشروعا نهضويا على مستوى المجتمع والأمة، وأرادت أن يكون الهدف أن يصبح المجتمع في مجموعه، قادرا على أن يملك حريته وإرادته، وان يفرز الأمين والكفؤ، سواء أكان من الحركة الإسلامية أو غيرها، ولذلك فإن نجاح الحركة ليس بالوصول إلى السلطة، بل بتحرير المجتمع من الأنظمة الشمولية الديكتاتورية وكوابيس العسكر.



• ما قلته هل يفسر عجز الحركة الإسلامية عن تحقيق معادلة أن تكون مظلة للجميع؟

- كما قلت، لا أريد ربط المبادرة بالحركة الإسلامية وجماعة الإخوان، ما أطرحه أن كل القوى السياسية عجزت عن تحقيق ذلك، بما فيها الحركة الإسلامية والطرف الرسمي الذي ربما يتحمل المسؤولية الكبرى، كل طرف يتحمل مسؤوليته بمقدار تأثيره في المشهد، وكل حزب يتحمل بمقدار ما لديه من أتباع وأنصار، ولذلك برأيي أن القوى السياسية تتحمل مسؤولية الوصول إلى الجدار المسدود والمناكفة والانقسام المجتمعي الحاد، وعدم مغادرة مربع المناكفة، والمطلوب أن لا نصل إلى “لغة الدم”.



• وما هو موقف المبادرة من المقاطعة السياسية بالمجمل؟

- كموقف جزئي وفي مرحلة ما، قد يكون هذا القرار صائبا، ويدرس في حينه، لذلك فأنا لا أنتقد قرارا اتخذ في مرحلة ما، إلا ان الفلسفة العامة هي المشاركة والبناء، وهي فلسفة الحركة الإسلامية أيضا، سلوك الحركة تشاركي لكن أي موقف جزئي للضغط على الحكومة أو تصحيح مسار فهذا قرار يدرس وحده، للموازنة بين الإيجابيات والسلبيات.



• خلال مسيرة عامين، كيف تقدر حجم الانجاز الذي حققته القوى السياسية من حيث مطالب الإصلاح؟

- في الأردن لم نصل إلى مرحلة الإصلاح المطلوبة، بل حققنا بعض الإصلاحات الجزئية، مثلا إنشاء نقابة المعلمين التي كان الحديث عنها محرما، وكذلك الحراك الشعبي الذي أوجد هذه الحالة، والهيئة المستقلة للانتخابات باعتبارها تجربة أولى ربما لم تكن ناضجة لكنها خطوة، وأيضا فتح المجال لتعديل الدستور كان خطوة رغم أن التعديلات لم تكون جوهرية، والآن لم يعد هناك خط أحمر، وفي المجمل حقق الحراك إنجازات ربما لم تكن جوهرية، وبوجه عام لم يصل الإصلاح حد الإنجاز الكبير.



• كيف تقيم حالة الحراك الآن في ضوء أحداث سورية ومصر؟

- الأردن من أكثر الأقطار في المنطقة تأثرا بالإقليم، لذلك فإن أول ضربة تم توجيهها للحراك كانت أحداث سورية، التي أثرت على الواقع المحلي وعلى المسار الإصلاحي بكل تأكيد، كما أحدثت انقساما حادا في القوى التقليدية قللت من قدرة الحراك واندفاعه، بما في ذلك انزلاق سورية نحو العنف والعسكرة واختراق ساحتها من كل الأطراف، وما حدث في مصر أيضا أثر على الحراك الإصلاحي في الأردن وقلل من اندفاعته، وأوجد بعض الإحباط على مستوى المؤيدين للحركة الإسلامية، وعلى مستوى المؤيدين للحراك، لذلك هناك هجمة مضادة، حيث إن الأنظمة أخذت تستثمر هذه الحالة من أجل إضعاف القوى الإصلاحية، من خلال التركيز على الحركة الإسلامية، وهذه سمة لا تقتصر على الأردن فقط، بل على كل الأنظمة التي تريد أن تحافظ على نفسها، كما في دول الخليج، التي وقفت ضد عملية الإصلاح خشية أن تصل شرارته إليها، وأسهمت، كما أرى، في الهجمة المضادة على مشروع التغيير الذي كان مؤملا أن يسير قدما نحو إنضاج الديمقراطية على مستوى مصر والمنطقة.



• هل ترى في انتكاسة “الإخوان” في مصر انتهاء للمشروع الإسلامي السياسي؟

- أنا لا أؤيد الهجوم الشرس على المشروع الإسلامي، لأنه ليس مشروعا طائفيا ولا حزبيا ضيقا ولا فئويا، ولا مشروع إخوان وحدهم، من يحمل خطابا بهذا الضيق يجب التخلي عنه لأنه يسيء إلى مشروع الإصلاح، أنا برأيي يجب أن يكون هناك تقييم علمي منهجي لتجربة مصر، ولا أحد يستطيع أن يقول إن الإخوان لم يخطئوا، لكن هناك جهد كبير بذل لإفشالهم، هم حاولوا إشراك الآخرين لكن كان هناك إصرار على عدم المشاركة معهم، حتى لا تنجح التجربة الديمقراطية، لأن نجاحها في مصر يعني أنها ستكون قاعدة لانطلاق نجاحات أخرى في المنطقة، وأنا برأيي أن هذا قادم، لكن مشروع الإصلاح يشهد جولات تقدم وتراجع، لكن المشروع النهضوي العربي الذي تقوده الشعوب بنفسها نحو الحرية والديمقراطية، فهذا ماض سواء على أيدي الإخوان أو على أيدي غيرهم، لأن الشعوب تتجه نحو الحرية.



• ألا تعتقد أن إخوان مصر والأردن المتأثرين بالحدث يتوجهون إلى خطاب متشدد كانوا تجاوزوه في وقت سابق؟

- برأيي أن الحركة الإسلامية لا بد أن تتوجه نحو دراسة الحدث والاستفادة من التجربة، والوقوف على الأخطاء الداخلية والخارجية، وأن تعرف الخصوم، وأن تقرأ المشهد بدقة، وأن تدرك التعامل مع المشهد بطريقة أكثر صوابا وحكمة، لذلك أنا أصر على مرحلة تسبق مرحلة التنافس، وأن لا تحرق مرحلة التوافق والعبور الجمعي، والتي تحتاج إلى تنازلات من كل القوى السياسية.

• إذن ما هو التنازل المطلوب في هذه الحالة من الحركة الإسلامية؟

- الحركة الإسلامية بحاجة إلى معرفة كيفية صناعة أطراف مشاركة، والالتفات إلى الأجيال الجديدة الشبابية غير المؤطرة، وكيف يكون هؤلاء الشباب الذين يمتلكون روح الثورة جزءا من الحل، وهذا التحدي مطروح أمام الحركة الإسلامية سواء في مصر أو خارجها.



• كيف تقيم أشكال الاحتجاج القائمة في الأردن عبر التظاهر التقليدي والخروج إلى الشارع؟

- في الأردن كانت هناك عوامل أدت إلى عدم خروج الشارع بكم كبير وهائل ومؤثر، ومنها الانقسامات السياسية، ونحن بحاجة إلى ترميمها قبل الخروج إلى الشارع، فمثلا هناك انقسام عرقي في بعض الدول وفي الأردن، وهناك الانقسام المؤثر لدينا بين الأصول الفلسطينية والأصول الشرق أردنية، وهذا برأيي يجب أن يعالج، ويجب أن نصل إلى خطاب توحيدي بجعل مشروع الإصلاح مكسبا لكل المكونات، كما أن هذا الانقسام أوجد انقساما بين المشاريع السياسية، فهناك مشروع إصلاح وطني، وهناك مشروع تحرير الأرض ومشروع حق العودة وغير ذلك، ولا بد من إزالة التناقض بينها، بمعنى أن الانخراط في مشروع الإصلاح لا يتعارض مع مشروع حق العودة وبالعكس، وبرأيي أنه عندما تتوحد الدولة الأردنية في خطابها السياسي والإصلاحي ستكون أقدر على مواجهة أخطارها الخارجية، وأقدر على حمل مشروع التحرير ودعمه، ليس المهم أن نقضي على الخلاف السياسي لكن الأهم هو إدارة الخلاف بطريقة حكيمة.



• في ما يتعلق بالإجراء التنظيمي الذي صرحت به جماعة الإخوان بحق مبادرة زمزم، كيف تعلق عليه بوضوح؟

- أحب أن أذكر أننا قررنا في المبادرة عدم الاستجابة لكل دعوات المناكفة مع أي طرف، ونحن بذلنا جهدنا لأن تفهم الحركة الإسلامية المبادرة ومضامينها، وبأنها ليست بديلا أو لسحب البساط، ولا منافسا ولا لإضعاف موقفها السياسي، نحن نطرح مبادرة مجتمعية نقدمها من أجل المشروع السياسي التحرري، وأرى أن أي إجراء بحق القائمين على المبادرة ستكون له آثار سيئة على الجماعة وليس على المبادرة، نحن ماضون فيها ونعتقد أن وجودنا في الإخوان يعزز المبادرة ولا يضعفها، لكن يجب أن تبقى المبادرة مستقلة وغير خاضعة لـ”فيتو” الإخوان ولا وصايتهم، لأنهم طلبوا أن تكون تحت مظلة الإخوان، وأرى أن هذا الكلام يمثل وصفة لإفشال المبادرة، القائمة على إطار واسع جامع يشعر كل من فيه أنه صاحب حق، من دون أن تكون هناك قوة أخرى رقيبة على قراره السياسي أو تسلبه إرادته، وإذا كان هناك اعتراض على مسارات أو أفكار أو آليات فهذا محل ترحيب ونقاش، فنحن نريد أن نصوب أخطاءنا، وطلبنا أن يتركوا هذا الإطار لينمو وحده، أما إذا لم يكن هناك خلاف على المضامين فعليهم برأيي أن يتوقفوا عن الملاحقة والإجراءات القانونية.



• وما هو تعليقك على تصريحات قيادة الجماعة حول فشل “تيار الحمائم” عندما كان في موقع إدارة الجماعة؟

- هذا هروب من التعليق على أفكار المبادرة ومضامينها، نحن لسنا مرتبطين لا بصقور ولا حمائم، وسبق أن هاجمنا بعض زعماء ما يسمى بـ”الحمائم” ولم يؤيدونا وربما أضرونا، وكذلك الأمر مع “الصقور”، المبادرة غير مرتبطة بفشل حمائم ولا نجاح صقور.



• ما الذي تحتاجه الحركات الإسلامية في هذه المرحلة وجماعة الإخوان أردنيا؟

- برأيي نحن في محطة فاصلة، وعلى جميع الأطراف قراءة المحطة بطريقة دقيقة، وأريد أن أوجه رسالة لكل الأطراف المؤثرة في المشهد، بأن تكون مسؤولية ضمان وحدة المجتمع وقوة الدولة وتقدمها نحو الحرية هي الهاجس، وأن تكون مصلحة الأوطان فوق مصلحة الأحزاب، وهذا هو الخطاب المنجي، وأعتقد أن الحركة الإسلامية تستطيع أن تنطلق نحو آلية وخطاب وسياسة جديدة تكون أكثر عمومية وشمولية واستيعابا، وقادرة على استقطاب الكثيرين حول مشروعها النهضوي.



• هل هذا يعني أن إخوان الأردن بحاجة لمراجعة؟ وما تعليقك على مطالبة الشارع الإخواني في مصر بعودة محمد مرسي؟

- حتما، هدف الإخوان ليس الوصول إلى السلطة، أو يجب أن لا يكون الوصول إلى السلطة هدفا، خاصة في هذه المرحلة الانتقالية، وهذا ينسحب على كل الحركات الإسلامية.


أنا أؤيد الخروج إلى الشارع لحراسة الارادة الشعبية والانتخابات التي عبر عنها الشعب بمنتهى إرادته، وليكن مطلب الشارع ليس عودة الإخوان بل المجلس المنتخب والرئيس المنتخب، وانتخاب مجلس نيابي صحيح، في مصر لم يخرج حتى الان أحد يزيل الانقسام كالجيش ومؤسسة الأزهر، ولغاية الآن لا يؤشر الطريق إلى مسلك إيجابي، لكن على الأقل يجب الحفاظ على السلمية، من قبل جميع القوى المؤيدة للشرعية، وتجنب الفوضى والمواجهة وإسالة الدماء، وأرى أن السلمية قوة وليست ضعفا، من الواجب التمسك بها مهما بلغت الخسائر.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة