السبت 2024-12-14 23:00 م

القرار 2268: «جبنة سويسرية» بامتياز!

08:59 ص




مليء بالثقوب والغموض والآليات، هذا القرار الذي صدر قبل وقت قصير من بدء سريان وقف العمليات العدائية، ذلك الوقت الذي اتفقت عليه موسكو وواشنطن في الثاني والعشرين من شباط الجاري، لم تلبث الأخيرة، أن «حَذّرت» قبل ان يجف حبر الاتفاق، من الانتقال الى الخطة «ب»، وعلى نحو لا يحفظ وحدة سوريا (كذا) إذا لم يتم تطبيق الاتفاق في شكل تام.



القرار 2268، الذي صدر للتو عن مجلس الأمن، لم يأخذ في الاعتبار التحذير الاميركي غير الدبلوماسي وغير المُبرّر, لا في توقيته وخصوصاً في نفي موسكو الحاسم أن لا وجود لشيء اسمه الخطة «ب» ولن يكون «شيئاً» كهذا اصلاً، ما وضع ادارة اوباما في حرج كبير, رغم ان الرئيس الاميركي ذهب بعيداً في تأييد ما قاله وزير خارجيته، لكن في شكل غير حاسم، بدت اقوالهما – الرئيس ووزيره – وكأنها لمجرد اطلاق المواقف والقول نحن هنا، دون ان يكون ثمة رصيد على ارض الواقع، يدعم خطة تقسيمية خطيرة كهذه، ليس فقط في رفض دمشق وحلفائها لخطة استعمارية كهذه, وانما ايضا لان دولاً عديدة في المنطقة – دع عنك روسياــ تتخوف من «شبح» كهذا في مقدمتها تركيا, التي تعلم ان مجرد التلويح بوجود كيان «كردي» في جنوبها السوري, يعني في الدرجة الاولى البدء الفعلي بتفتيت تركيا ذاتها المكونة اصلاً من «فسيفِساء» قومي وإثني اكثر من اي دولة في المنطقة، عربية كانت ام غير عربية.


ما علينا..


فشلت فرنسا في ادخال اي تعديلات على مشروع القرار الروسي الاميركي، تلك التعديلات التي رأت فيها باريس فرصة كي تقول انها ما تزال صاحبة دور في الأزمة السورية يوازي او يقترب من الدورين الروسي والاميركي، وان هدفها من وراء ادخال تعديل على صيغة القرار 2268, تعزيز اجراءات بناء الثقة بين الاطراف السورية المتحاربة والتمهيد لمفاوضات جنيف (3) القريبة (حددها دي ميستورا لاحقاً في السابع من آذار القريب) لكن موسكو وواشنطن رفضتا اي اقتراح من اي طرف، ما عكس – ضمن أمور اخرى – اصراراً لافتاً من كليهما على تمرير القرار وضمان صدوره وفق بنوده التي تلتقي على القرار السابق 2254 وان انطوى القرار الأخير (2568) على بعض الاشارات غير المريحة، او حمّالة الأوجه، ربما جاءت لاسترضاء بعض العواصم الداعمة للمجموعات المسلحة وتلك الارهابية المُقنّعة, كالقول يطلب التطبيق الفوري التام لقرار المجلس رقم 2254 الداعي الى انشاء مرحلة انتقالية سورية وفقاً لبيان جنيف في 30 حزيران 2012، كما يطلب من كافة الأطراف المشتركة في الاتفاق, تلبية التزاماتها والاقرار بالاتفاق بين الحكومة و(لجنة المفاوضات العليا) «المقصود لجنة رياض حجاب» كي تكون شريكة في شروط وقف اطلاق النار.


هذا «الزَجّ» غير البريء بمفردات ومصطلحات ولجان، جاء من قِبَل الطرف الاميركي, كي يوحي بأن ثمة «توازناً» قد حدث وان واشنطن قدمت الهيئة المنبثقة عن مؤتمر الرياض، على اي جهة مُعارِضة سورية اخرى، الا انه لا يُغيِّر شيئاً جوهرياً في الاوضاع الميدانية، ولا يمنح اي غطاء لمن حاولوا «إخراج» جبهة النصرة (الذراع السوري لتنظيم القاعدة الارهابي)، من لائحة المنظمات الارهابية، بهدف تقوية انفسهم, كون هذه الجبهة هي الحامي والغطاء, لِمَن يصفون انفسهم بالمعارضات, الذين تكتلوا تحت مسمى «الهيئة العليا للمفاوضات» وهو ما تحدث به علنا خالد خوجة ورياض حجاب ايضاً..


تبقى العبرة اذاً.. في التنفيذ, وهو أمر يكاد يكون مستحيلاً, لأن مجاميع المسلحين ستسعى الى تحسين اوضاعها الميدانية عبر خرق الهدنة، والجأر بالشكوى من خرق الجيش السوري لها، كي تُدخِل الجميع في لعبة الشكوى والشكوى المضادة والتهرب من التزام وقف اطلاق النار, وعدم السماح بادارة هجمات مباغتة والقيام بعمليات اغتيال واطلاق قذائف وغيرها من المحاولات المشبوهة التي تتقنها هذه العصابات المُنفلتة وغير الملتزمة في اي اتفاقات او قِيَم.(عودوا الى تصريحات ابو محمد الجولاني زعيم جبهة النصرة ,الرافض لاتفاق الهدنة والمُصِرّ على مواصلة «جهاده».


في السطر الأخير, يبدو القرار 2268 مليئاً بالثقوب, كما هي حال الجبنة السويسرية الشهيرة، الا ان صدوره وبطرح اميركي روسي, يمنحه فرصة النجاح وان كانت شبه معدومة، الا انه في جانب آخر, يُلغي محاولات اصحاب الرؤوس الحامية في المنطقة عربا وغير عرب، ويحول دون مُضيِّهم و»لو كلاميا» في حملات تصعيد عسكرية, يُدرِكون هم, قبل غيرهم, انهم أعجز من أن يُقْدِموا على تنفيذها.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة