السبت 2024-12-14 15:29 م

الكاتب الروسي ميخائيل شيشكين: المسؤولون لصوص والتلفزيون الرسمي مومس!

09:52 ص

الوكيل - انسحب ميخائيل شيشكين أحد أهم كتاب روسيا المعاصرين، من تمثيل روسيا في واحد من أهم الفعاليات الأدبية الكبيرة لأنه لا يريد ان يكون صوتا ل’بلد صادر فيه السلطة نظام اجرامي وتحولت الدولة فيه الى هرم من اللصوص’.

شيشكين، الذي فاز بأهم ثلاث جوائز أدبية روسية بما فيها بوكر الروسية، والذي سبق له ان سافر مع الوكالة الفدرالية للصحافة والاعلام العام ليشارك ضمن وفد الكتاب الروس في معرض اكسبو اميريكا للكتب عام 2012، رفض المشاركة مرة اخرى في معرض الكتاب نفسه لعام 2013 بعد ان كان قد وافق مبدئيا على المشاركة، لكنه غير رايه لاحقا، ‘ليس لأن جدول اعمالي لا يسمح لي بالمشاركة، ولكن بسبب اعتبارات اخلاقية’.
يقوم أدب ميخائيل شيشكين على تحديث الأدب الروسي الكلاسيكي. عن أعماله’ انا لا اكتب روايات بل نصوصا اجيب فيها على اسئلة تهمني. أقول في رواية ‘سقوط قلعة اسماعيل’ ان الحياة هي عدو يجب الاستيلاء عليه كما نستولي على القلاع، ثم اتضح لي في رواية ‘شعرة فينوس′ ان روسيا هي بقعة صغيرة في ملكوت الله والعدو الرئيسي هو الزمن ويجب مواجهته وقهره. اما في رواية ‘مراسلات’ فكنت اجيب اجابات اخرى عن تلك الأسئلة ومنها فكرة ان الموت ليس عدوا بل هبة وسعادة مثل الحب، وانك في لحظة ما تدرك ان ظهورك في هذه الدنيا امتياز كبير يجب الاستمتاع بكل ثانية منه ولولا موت أقاربك لما فهمت الغاية من مجيئك الى الدنيا ومغزى وجودك فيها’.
شيشكين من مواليد عام 1961 والده كان عسكريا بحارا شارك في الحرب العالمية الثانية وأمه مدرّسة اوكرانية كانت تعمل مديرة في مدرسة ثانوية في موسكو وقد اعفيت من منصبها بعد اقامتها امسية ادبية عن الشاعر الطليعي فلاديمير فيسوتسكي.
درس شيشكين الانكليزية والالمانية وبعد تخرجه عمل زبالا وعامل طرقات وصحافيا ومدرسا ومترجما.
يقيم الكاتب في زيوريخ السويسرية بعد ان هاجر من روسيا عام 1995 واشتهر بعد نشره في روسيا قصته الأولى ‘درس في الخط’ ثم نشر روايته الأولى ‘ليلة واحدة تنتظر الجميع′ عام 1993، ثم روايته ‘سقوط قلعة اسماعيل’ التي يحكي فيها قصة محام يبرئ أما قتلت طفلها فتقوم بصفعه، وقد فازت الرواية بجائزة بوكر الروسية، كما فازت روايته الاخرى ‘شعرة فينوس′ على جائزتي ‘الكتاب الكبير’ و’الكتاب الروسي الأكثر قراءة’ وهذه الرواية تحكي قصة مترجم في السفارة الروسية يتعامل مع اللاجئين من روسيا الذين يختلق كل واحد منهم حكايات ليحصل على حق اللجوء السياسي في سويسرا حيث يقوم المترجم بمساعدة اللاجئين على اختلاق قصص مقنعة للسلطات بحيث تمنحهم اللجوء.
روايته الأخيرة ‘مراسلات’ فازت ايضا بجائزة ‘الكتاب الكبير’ عام 2011 وتتصاعد مجريات الرواية مع مراسلات تتجاوز الزمن بين شاب شارك في حرب روسيا والصين عام 1900 وعشيقة له تعيش في عالم اليوم بحيث تسائل الرواية قوانين الزمن بحيث تحوّل الموت الى صديق لا عدو.
إحدى أفكار شيشكين الأساسية في رواياته ان الانسان حين يكتب الكلمات يخلق عوالم جديدة لا يصيبها الهلاك وبذلك تكون الكلمة هي أساس الكينونة البشرية.
أعمال شيشكين ترجمت الى اكثر من عشر لغات وقد أثنى نقاد كثيرون على أسلوبه في النثر فاعتبره احدهم انه يصل بين اساليب كتاب كبار مثل تولستوي ودستويفسكي بتقاليد بوشكين’ ، وأنه ‘ان شيشكين يتعامل مع مواضيع عالمية مثل الموت، القيامة والحب’ (ف. سونكين، ملحق التايمز الادبي، 8/10/2010) كما تمت مقارنته بكتاب روس وعالميين مثل انطون تشيخوف وفلاديمير نابوكوف وجيمس جويس، وقد أقر شيشكين بتأثره بكتاب مثل تشيكوف وتولستوي وايفان بونين قائلا: ‘بونين علمني ان لا أقبل الحلول الوسط، وأن أؤمن بنفسي، اما تشيكوف فأورثني حسه الانساني وبأنه لا يمكن ان يكون هناك شخصية سلبية مطلقة في نصك. ومن تولستوي تعلمت ان لا أخاف من كوني ساذجا’ (فيليب تابلين، ‘روسيا وراء المانشيتات’، 9/1/2012).
رفض شيشكين لتمثيل روسيا في معرض اكسبو امريكا 2013 أدى لموجة من ردود الفعل السياسية والأدبية في روسيا. ها هنا ترجمة لرسالته الشهيرة:

الوكالة الفيدرالية للصحافة والاتصال الجماهيري والمكتب الدولي لمركز بوريس يلتسين الرئاسي
27 شباط ، 2013

السادة الأعزاء

شكرا لكم على دعوتكم لي للمشاركة في فعاليات الوفد الروسي الى ‘بوك اكسبو امريكا 2013′، معرض الكتب الدولي في نيويورك الذي سيعقد بين ايار 30 الى 1 حزيران من هذا العام.
اتفهم أهمية مشاركة كاتب في هذا النوع من معارض الكتب للترويج لكتبه في امريكا وبلدان أخرى. هذه فرصة فريدة للتواصل مع الناشرين والقراء الأمريكيين، حيث ان سوق كتب اللغة الانكليزية ما تزال مغلقة عمليا امام كتاب من بلدان مثل روسيا. خصوصا ان نفقات السفر والاقامة في الولايات المتحدة (وهذه ليست نفقات قليلة) يتكفل بها الطرف الروسي.
على الرغم من ذلك، فانني أرفض دعوتكم. ليس بسبب ان ‘جدول اعمالي لا يسمح لي’ ولكن لاعتبارات اخلاقية.
لقد وافقت على عروض مشابهة منكم عدة مرات في الماضي وقد شاركت في معارض كتب دولية كعضو في وفد الكتاب الروس، لكن الأوضاع في السنة الأخيرة قد تغيرت.
في اي بلد يحترم نفسه، تقوم الدولة، من خلال مؤسسات ومنظمات متعددة، بدعم تطور كتابها في الخارج، وتدفع لترجمة اعمالهم، وتدعو كتابا للمشاركة في معارض كتب دولية، وما الى ذلك. على سبيل المثال، في النرويج يتم ذلك عبر مؤسسة ‘نورلا’؛ في سويسرا، يتم عبر ‘برو هيلفيتيا’. من الطبيعي، انه بالمشاركة في وفد رسمي، لا يمثل الكاتب نفسه وكتبه فحسب ولكن يمثل ايضا البلاد والدولة.
تطور روسيا السياسي، واحداث العام الماضي تحديدا، خلقت وضعية غير مقبولة ومهينة لشعبها وثقافته العظيمة. ما يحصل في بلادي يشعرني، كروسي وكمواطن من روسيا، بالعار. وفي المشاركة في معرض الكتاب كعضو في الوفد الرسمي وبالاستفادة من ميزات الفرص المعروضة لي ككاتب، فانني في الوقت نفسه أحمل مسؤوليات كوني ممثلا للدولة التي اعتبر سياستها مهلكة للبلاد ولنظام رسمي أرفضه.
ان بلادا استلم السلطات فيها نظام اجرامي، وحيث الدولة فيها هرم من اللصوص، وحيث تحولت الانتخابات الى مهزلة، وحيث المحاكم تخدم السلطة وليس القانون، حيث هناك سجناء سياسيون، وحيث تحول التلفزيون الرسمي الى مومس، وحيث يمكن لقطعان من الدجالين ان يمرروا قوانين تعيدنا الى القرون الوسطى هذه البلاد لا يمكن ان تكون روسيا. لا يمكنني ولا اريد ان اشارك في وفد رسمي روسي يقوم بتمثيل روسيا تلك.
سوف أمثل، وأريد أن أمثل روسيا أخرى، روسياي، البلد الحر من الدجالين، بلاد لديها بنية دولة تدافع عن حرية الفرد، وليس حرية الفساد، بلاد ذات إعلام حرّ، وانتخابات حرة، وشعب حرّ.
من الطبيعي ان يكون هذا قراري الشخصي ولم أقم باستشارة كتاب آخرين مدعوّين الى نيويورك؛ كل كاتب منهم حر بالتصرف بناء على قناعاته واخلاقياته ومسؤولياته.

مع الاحترام
ميخائيل شيشكين
‘ تنشر بالتعاون مع مجلة ‘أوراق’ التي تصدرها
رابطة الكتاب السوريين


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة