الأحد 2024-12-15 01:50 ص

الكلام الذي لم يقله الرفاعي عن الأسد *

01:20 م

أثار الخبر المنشور في صحيفة «القدس العربي» اللندنية حول ما قاله زيد الرفاعي بشأن الاسد، ردود فعل واسعة، لان الخبر قدّم الرفاعي باعتباره يدعم الاسد، وفقا لعنوان الخبر، فيما نص الخبر يحوي تحليلا للرفاعي، وليس موقفا داعما للاسد!.


بدأت القصة بافطار اقامه سمير الرفاعي رئيس الحكومة السابق، في بيته في رمضان، وحضره سياسيون واعلاميون، ووالده زيد الرفاعي كان على تلك المائدة التي تشارك بها مع العين عبدالرؤوف الروابدة والنائب ايمن المجالي، وغيرهما، من اسماء معروفة.

خلال الافطار قال زيد الرفاعي لمن حوله ان الاسد قوي حتى الان، وهو صلب، ولن يسقط بسهولة، وسيبقى في موقعه، ما لم يخنه الايرانيون عبر صفقة مع الامريكيين تؤدي الى التخلي عن نظام الاسد، وعندها سيسقط النظام.

اضاف الرفاعي انه بدون ذلك، فان النظام قوي، ولن يسقط بالسهولة التي يتخيلها كثيرون، لان المؤسسة الحاكمة قوية وصلبة ومتماسكة، ولحسابات كثيرة، داخليا، وخارجيا بما فيها السلسلة الدولية التي تدعمه مثل بكين وموسكو.

ما قاله الرفاعي كان مجرد تحليل سياسي، عبر سيناريوهين للوضع في سورية، في حال تخلي ايران عنه، أو في حال استمرار دعم ايران له، ولم يكن موقفا للرفاعي عبر اعلان الدعم للاسد او تبرير جرائمه، او اضفاء شرعية عليها!.

بيد ان الخبر الذي نقل التحليل، احتوى على كلمات صبغت عقل القارئ مسبقا، اذ ان عنوان الخبر قال «الرفاعي يدعم الاسد» كما ان الخلفية التي وردت في الخبر التي قالت ان الرفاعي من مؤيدي النظام السوري، كون الرفاعي كان صديقا لحافظ الاسد!.

الصبغة المسبقة اثرت على الاستنتاجات، بحيث تمت التوطئة مسبقا للاستنتاج، وبحيث تم فهم التحليل باعتباره يأتي من رجل محسوب على الاسد، وبحيث تم قلب التحليل الى موقف سياسي، والفرق بين التحليل والموقف، كبير.

اساساً زيد الرفاعي كان على علاقة جيدة بعواصم عربية عدة، بما في ذلك دمشق ابان عهد حافظ الاسد، وهذه العلاقة تم توظيفها من اجل الاردن، بحيث كان الرفاعي رجل الاردن المؤثرعلى دمشق، وليس رجل دمشق في عمان.

كما ان قراءة نص الخبر بشكل دقيق لا تظهر اي موقف سياسي للرفاعي مؤيد للاسد ولا للجرائم ولا للمذبحة الجارية، فلا تعرف كيف تمت عنونة الخبر بأنه الرجل داعم للاسد، خصوصا، ان لا احد في العالم العربي، سياسياً كان ام شعبياً، يؤيد القتل والذبح.

بعيدا عن الرفاعي فان عواصم العالم تراهن اساسا على صفقة مع الايرانيين تفضي الى تخلي الايرانيين عن نظام الاسد، خصوصا، ان كلفة التحالف باتت ثقيلة على طهران جدا، ويعتقد مسؤولون عرب وغربيون ان طهران في لحظة ما ستتخلى عن نظام الاسد.

بالمقابل، فان المعارضة السورية ذاتها تعلن ليل نهار انها غير قادرة على حسم المعركة مع النظام المجرم، وان الجيش الحر، الذي ليس له قيادة ميدانية موحدة، حتى الان، ويضم الشباب السوريين الذين يشتغلون على شكل مجموعات بالعشرات ووفقا لمبدأ حرب الشوارع، يستصرخون العالم من اجل مساندتهم عسكريا لانهم غير قادرين على حسم المعركة، مع جيش نظامي وقوي.

الاستنتاج الذي تطلع به من رأي من عواصم عالمية من جهة، والواقع الميداني من جهة اخرى للمعارضة والجيش الحر، يأخذك الى ذات الاستنتاجات في تحليل الرفاعي، فالنظام قوي حتى الان، ولن يسقط، ما لم يرفع الايرانيون مظلة الحماية عنه.

في كل الحالات الفرق كبير بين التحليل السياسي للوضع في سورية، وبين الموقف المؤيد للاسد، وقلب التحليل الى موقف عبر صبغ عنوان الخبر ووضع خلفية تشير الى ان الرجل صديق لحافظ الاسد، لم تكن موفقة، لانها حرفت الاستنتاجات عن مسارها الاساس.

الرفاعي لم يعلن دعمه للاسد في ازمته، والصحيفة انطقته بما لم يقله.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة