الجمعة 2024-12-13 23:57 م

«الليكوديون الجُدُد»

10:38 ص

ليس ثمة علاقة «ايديولوجية» بين ما عُرِفوا وما يزالون بـ»المحافظون الجدد»، وهُم الذين هيمنوا على القرار الاميركي بعد نجاحهم في ايصال دُميتِهم المطيعة جورج دبليو بوش الى البيت الابيض، وبين المجموعة التي يقف في وجه انضمامها الى حزب الليكود رئيس الحزب نتنياهو والمعسكر الفاشي المتطرف الذي يدعمه. هذه المجموعة التي باتت تُعرَف في الساحتين الإعلامية والحزبية الاسرائيلية بـ»الليكوديين الجُدد».. حيث يرى هؤلاء (معسكر نتنياهو) في تزايد أعداد المنتسبين «الجدد» الى الليكود والتي تم بعضها عبر موقع الحزب على الانترنت، خطراً يتهدد المجموعة المُسيطرة على قرار الليكود، والتي يضبط اداءها ومواقفها نتنياهو شخصياً، مُهدِّدا كل من يخرج على طاعته او يتحدى هيمنته المطلقة على الحزب، بالخروج من صفوفه او عدم حصولِه على موقع «مضمون» على قائمة الحزب الإنتخابية في حال تم الذهاب الى انتخابات مُبكرة، او حتى تلك المُقرَّرة ربيع العام 2019.


«الليكوديون الجدد» مُتهمون من قِبل انصار نتنياهو بانهم انما اندفعوا للانتساب الى الحزب «الحاكم» والأقوى على الساحة الحزبية، بهدف إقصاء نتنياهو والمسّ بالمعسكر الممسك بقراره اليميني المتطرف والخاضع لضغوط المستوطنين، ولم يتورع هؤلاء عن اتهامهم بانهم اصحاب نزعة «يسارية»(..). هذا الوصف الذي «ازعج» نتنياهو فأطلق تصريحاً تهكّمياً لاذعاً بحقهم بقوله: هم ليسوا ليكوديين وليسوا جُددا.. هم اناس يساريون قدامى» فيما ذهب آخرون في الليكود إلى وصفهم بانهم «حصان طروادة». الامر الذي دفع كبار الحزب (اقرأ اتباع نتنياهو) الى إغلاق التنسيب لعضوية الحزب عبر موقع الانترنت، لمنع ارتفاع موجة انتساب اعضاء المجموعة الموصوفة بـ»الليكوديين الجدد» او اليساريين القدامى، على حد وصف نتنياهو... التهكمي.

غني عن القول إن حزب الليكود (الليكود بالعبرية يعني التكتّل)هو اندماج بين احزاب يمينية متطرفة من انصار معسكر ارض اسرائيل الكاملة، كان ابرزها حزب حيروت (الحرية) الذي تزعمه مناحيم بيغن وأسّسه جابوتنسكي. خاض انتخابات 1977 في أيّار من ذلك العام بـ»تحالف» مع احزاب تماثله في دعم الايديولوجية الصهيونية المتطرفة مثل حزب الاحرار وبعض الاحزاب والحركات الصغيرة، واستطاع هذا «التكتل» الذي لم يكن حزبا موحداً حتى تلك اللحظة، ان يُحدِث «انقلابا» حقيقيا في خريطة الحكم في الدولة الصهيونية، وما تزال مفاعيل هذا الانقلاب مستمرة، حيث يواصل الليكود قيادة دولة العدو منذ ذلك التاريخ حتى الان. ما خلا فترتين قصيرتين، الاولى عند «عودة» حزب العمل بزعامة اسحق رابين الى السلطة في العام 1992 والثانية شكّلها صعود ايهود باراك القادم من رئاسة الاركان في العام 1999 ولم تعمّر حكومته طويلاً بعد فشل محادثات كامب ديفيد «الشهيرة»، التي نحت خلالها مقولته التي اصبحت «تميمة» لكل قادة اسرائيل وخصوصا نتنياهو عندما قال (باراك): « ليس لإسرائيل... شريك فلسطيني».

ما علينا..

يرفض نتنياهو ومعسكره اي مُنتسِب جديد لحزبه، خشية ان يقود هؤلاء الذين لفتت حركتهم الجماعية الأنظار...عملية اطاحته، بعد ان ازداد عدد الذين يتهمونه بالديكتاتورية والفساد وتقديم مصلحته الشخصية على حساب مصالح «الدولة»، وخصوصا «تنكّره» لقِيَم الحزب او الحركة الام «حيروت» التي على رأسها احترام سلطة القانون وطهارة المقاييس والسوق الحرة، وقيم ليبرالية اخرى على ما يقول المتماثلون معهم وبخاصة الصحافة الاسرائيلية الليبرالية مثل صحيفة هاآرتس. التي خصّصت اسرة تحريرها افتتاحية لهذه المسألة تحت عنوان.. «اقبلوهم في الليكود» يوم 28 آب الماضي.

ثمة خطاب صاخب واحتجاجي آخذ في التصاعد ضد نتنياهو ومعسكرِه، حيث يتهم»المحتجّون» هؤلاء بان الميول المناهِضة للديمقراطية قد تعمّقَت لديهم، وانهم في مسعاهم لإغلاق «الباب» امام المنتسبين الجدد، انما يريدون الغاء مبدأ الانتخابات التمهيدية (البرايمرز) التي بموجبها يتم تحديد وترتيب اسماء قائمة الحزب لخوض انتخابات الكنيست، وهو ما يخشاه نتنياهو في هذه المرحلة. حيث تصاعدت دعوات أنصاره الى الغاء «البرايمرز» لصالح منح «رئيس الحزب» فرصة ترتيب القائمة وفق ما يرى انه يخدم الحزب ويعزز فرصته للفوز في اي انتخابات مبكرة او عادية. بعد ان بدأت استطلاعات الرأي تتحدث عن مناخ موات لحزب العمل لاستعادة «حيويته» بعد فوز آفي غباي برئاسته وهو القادم «مُستقيلاً» من حزب كولانو (كلتا) الذي يرأسه موشيه كحلون وزير المالية، كذلك في بقاء حزب يِشّ عتيد (يوجد مستقبل) برئاسة يائير لبيد في مقدمة المنافسين لليكود ونتنياهو، الذي قد «لا» ينجح في تأجيل او الغاء احتمالات توجيه لائحة اتهام رسمية له بعد انتهاء التحقيقات في الملفات التي تحمل الارقام (الف والفين وثلاثة آلاف) والتي باتت مؤكدا ان الادلة حول الملف (1000) قد توفّرت، فضلا عن ملف صفقة الغواصات الالمانية الذي شهد تطورات مثيرة باعتقال رئيس القوات البحرية السابق والتحقيق مع وزير سابق وفرض الاقامة الجبرية على ضباط كبار ومساعدين لنتنياهو بمن فيهم مدير مكتبه السابق الذي عقد صفقة مع الشرطة كي يكون «شاهد ملك» مقابل تخفيض عقوبته.

يذهب نتنياهو بعد ايام (11أيلول الجاري) في رحلة غير مسبوقة لثلاث دول أميركية لاتينية، ستُصاحِبها حملة اعلامية ضخمة، باعتبارها فتحاً سياسياً ودبلوماسياً لدولة العدو الصهيوني، وبعدها سيُلقي خطابا تحريضياً واستعراضياً امام الجمعية العامة للامم المتحدة، لكن «متاعِبه» واحتمالات سجنِه او استقالَته.. ستُلاحِقه، فيما يواصل جيشه مناوراته «الدعائية» في شمال فلسطين المحتلة، لايهام الاسرائيليين ان جيشهم «جاهز» لدحر اعداء اسرائيل. في ظل اعتراف أحد المقربين منه بأن»الليكود ليس جسماً يحتاج الى.. الديمقراطية».

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة