الجمعة 2024-12-13 14:59 م

المسلمون يحتفلون اليوم بذكرى الهجرة النبوية

08:57 ص

الوكيل - يحتفل المسلمون اليوم في شتى بقاع الأرض بذكرى الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وهي ذلك الحدث التاريخي الذي رسم فجرا جديدا للرسالة الإسلامية مازال العالم يتنسم عبقه إلى اليوم، عندما بزغ فجر جديد نقل الإسلام من مرحلة العقيدة إلى مرحلة بناء الدولة وتأسيس قيم المجتمع المدني المسلم وصاغ المواثيق والعهود في مناحي الحياة المختلفة.


وحملت الهجرة النبوية الشريفة في طياتها معاني التضحية والصَّبر والنصر والتوكل والإخاء، وجعلها الله طريقا للنصر والعزة، ورفع راية الإسلام، وتشييد دولته.

وتأتي ذكرى هذه المناسبة العطرة التي توافق اليوم لتذكر المسلمين جميعا بالدروس والعبر المستفادة منها والتي شكلت حدثا تاريخيا غيّر وجه البشرية بنشر الدين الاسلامي العظيم في أصقاع الارض.

مساعد الأمين العام في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية لشؤون المديريات والمراكز الاسلامية الدكتور نوح مصطفى الفقير قال : كثيرة هي الحوادث التي لها أثر في تاريخ البشر، ولقد سُجّل في صفحات الحضارات عبر القرون الفيض الجمّ منها حسب المعتقدات والعادات، لكنّ الحضارة الإسلامية متميّزة بأنها خالدة ومؤثّرة في غيرها من الحضارات التي نشأت بعدها، وشهادات غير المسلمين في هذا المجال لا تنكر.

واضاف: جرت عادة المسلمين تسمية الأعوام بحوادث مشهورة فيها, كعام مولد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعام بعثته، وعام الفتح، والعام الأول من خلافة أبي بكر رضي الله عنه والعام الثاني من خلافته، وظل الحال إلى العام السابع عشر بعد الهجرة الشريفة.

وتابع : ففي شهر ربيع الأول حين احتاج الناس إلى التاريخ لضبط أمورهم الدينية والدنيوية كالمعاملات المالية والمواعيد الزمانية، والانتقال إلى التاريخ العددي بدلاً من التاريخ الحدثي، فقد روى الحاكم من طريق ميمون بن مهران قال : رُفع لعمر صكٌ مَحلّه – أي: وقت حلوله- شعبان فقال: أيّ شعبان؟ الماضي أو الذي نحن فيه، أو الآتي؟ وقال عمر: ضعوا للناس شيئاً يعرفونه، وأخرج أبو نعيم الفضل بن دكين في تاريخه (أن أبا موسى كتب إلى عمر: إنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ)، فعزم أمير المؤمنين الفاروق رضي الله عنه التخلّص من تسمية الأعوام بحوادثها، وكان حرياً بالمسلمين اختيار بداية لهذا التاريخ المشرق، فجمع الخليفة كبار الصحابة العلماء، وانعقد مؤتمر إسلامي لتحقيق هذه الغاية النبيلة، وهو من أهم المؤتمرات التليدة، التي كانت ثمرتها على قدر كبير من الأهمية في حياة المسلمين.

واضاف ان الذي يدعو الى التأمل سبب اختيار الصحابة الكرام للعام الذي حدثت فيه الهجرة النبوية الشريفة ليكون بداية للتاريخ الإسلامي، ولا شك أن هناك الكثير من الحوادث التي تصلح لأن تكون بداية لهذا التاريخ الناصح, كالمولد النبوي الشريف وبينه وبين وقت الحاجة إلى التاريخ سبعون سنة، ومن الحوادث المجيدة نزول القرآن الكريم والبعثة النبوية ثلاثون سنة، والإسراء والمعراج ويوم الفرقان وفتح مكة وغيرها من مجريات تاريخنا المجيد.

وبين الفقير انه من المناسب هنا بيان الحكمة من اختيار الهجرة, وهي أنه بالهجرة انتقلت الأمة من ضعيفة إلى قويّة, ومن الشتات إلى الدولة، ومن التعذيب الذي لحقهم بسبب دفاعهم عن الدين إلى الدعوة بالحكمة ونشر الدين، ومن الخوف المقرون بالتعب إلى المنعة والنصر بالرعب، ومن الخفاء إلى العلن، وكانت غزوة بدر وأحد والخندق وصلح الحديبية، وبعد ثماني سنوات فقط رجع إلى مكة المكرمة فاتحاً، وتلك آية عظيمة ينبغي أن نذكرها في هذا الزمن المؤلم، ولذلك عدّ القرآن الهجرة نصرا.

قال الله تعالى{ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، ومدح الله سبحانه المهاجرين, وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّة 'لَا هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا' متفق عليه.

عميد كلية الشريعة في الجامعة الاردنية الدكتور محمد الخطيب قال ان الهجرة النبوية بمعانيها الجليلة غيرت مجرى التاريخ وحققت أهدافاً عظيمة وحملت دروسا وعبرا متنوعة ابرزها اهمية التخطيط المستقبلي في حياة الانسان.

واضاف ان هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة الى المدينة ليست مجرد حادثة عابرة تمر في التاريخ الاسلامي، ففيها الكثير من العظات والعبر والدروس من اهمها ان الرسول الكريم عندما خرج من مكة لم يكن كارها لها انما محبا لها، ولذلك قال لدى خروجه منها :' والله لولا ان اهلك اخرجوني منك ما خرجت ' وهذه دلالة على حبه لمكة واهلها، كما يدل على ان حب الوطن من الايمان.

واشار الى أهمية التخطيط المستقبلي في حياة الانسان، فالرسول صلى الله عليه وسلم خطط بشكل واضح حتى يصل الى المدينة، وهذا ما نفتقد اليه الان بان نضع رؤية واشراقة للمستقبل.

وقال ان الرسول عليه الصلاة والسلام حتى وهو مطارد نجد( سراقة ) عندما غار حصانه في الرمل وعده الرسول الكريم بان يُلبسه سوار كسرى وكأن الرسول الكريم كان يخطط لسنوات كيف سيفتح بلاد فارس والروم.

واشار الدكتور الخطيب الى الدور الكبير للمرأة في حادثة الهجرة النبوية الشريفة منوها بان اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنها رغم انها كانت حاملا، الا انها كانت مستعدة للتضحية في سبيل الدين والرسول عليه الصلاة والسلام، لذلك كانت حريصة جدا على ايصال الطعام ومنع وصول قريش الى الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا دليل على ان المرأة لها دور مهم في سبيل خدمة الدين والرسول الكريم.

استاذ الاديان المقارنة في جامعة آل البيت الدكتور عامر الحافي قال ان الهجرة تعلمنا حب الوطن، فالرسول عليه الصلاة والسلام قال عندما خرج: 'والله إنك لأحب بلاد الله اليّ ولولا ان اهلك اخرجوني منك ما خرجت'؛ فالهجرة حالة اضطرارية جدا اكدت حب الوطن اكثر فاكثر.

وأشار إلى البعد التربوي من حادثة الهجرة الشريفة حيث قال الرسول الكريم في حديثه الشريف: 'المهاجر من هجر ما نهى الله عنه'، داعيا الى ترك العادات السيئة كالجهوية والطائفية، مشددا على ان الهجرة بمعناها الاوسع هجر او ترك كل ما نهى الله عنه وفيه ضرر للانسان .




بترا


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة