ينحسر الوعي في مرحلة الربيع العربي وتتحول الذات الى فرديتها رغم انضوائها في مجموعات العمل السياسي والرسمي والاجتماعي , فتتحول حسابات الخسارة اوالربح من الفردية الى الجمعية , فخسارة نائب لمقعده تُصبح خسارة وطن , ورحيل حكومة ازمة قومية , وضياع فرصة شخصية خسارة للعالمين .
فما يحدث بعد اقرار اي قانون او الانتهاء من جولة سياسية هو ان يتحول المشهد بسرعة الصاروخ الى لطمية سياسية من الذين خسروا وجهة نظرهم او ممن سقط اقتراحهم تحت القبة , وترتفع اللطمية على المواطن الغلبان الذي ضاعت حقوقه واحلامه تحت ضربات اصحاب النفوذ , وتتحول خسارة صاحب الاقتراح او الراغب بتمثيل الشعب الى بكائية عنيفة رغم ان اصحاب الاقتراح الفائز هم جزء من العملية السياسية او البرلمانية ولديهم نفس مشروعية صاحب الاقتراح الخاسر او الرأي الذي فقد تأشيرة قبوله تحت القبة .
مظلومية الخاسرين ولطمية ممثلي الشعب الافتراضيين تأخذ المجتمع برمته الى خسارات تسحب من رصيد الدولة وهيبتها , حيث يرتفع منسوب التشققات الاجتماعية والسياسية وتبدأ التقولات الشعبية وتسير الاشاعة بسرعة مجنونة , لان الخاسر يلجأ الى التبرير القسري وتتوالد الاحباطات بقيصرية دون تعقيم , مسنودا بأن حديث الدولة في الربيع العربي بات حديثا منقوصا ويستلزم تفعيل علم الجرح والتعديل لاستخلاص الحقائق وربما يأتي الاستخلاص بعد فوات الاوان .
المشروع الآن والذي يصل الى مرتبة الفَرض الوطني , استعادة هيبة الدولة التي تعاني سنوات من الهشاشة والرخاوة البنيوية،بإلباس الامور ثوبها الحقيقي دون لُبوس , فمن خسر مشروعا او فكرة او منصبا او موقعا لم يخسره نيابة عن الشعب , بل خسره لاسباب شخصية او لامور هو مسؤول عنها او لطبيعة المرحلة والتركيبة المحلية .
فالدولة بمؤسساتها هي الباقية وهي التي تحمي حقوق المواطن وليس الفرد مهما كان موقعه ومنصبه فالدولة حامية المجتمع ولايكون إصلاحها بإسقاط مؤسساتها (سواء الأمنية أوالتمثيلية أوالتثقيفية أوالتنموية أوالحقوقية). ومن يرد أن يصلح مؤسسات الدولة عليه أن ينتقل من الميدان إلى البرلمان واستخدام ادوات الدستور كونه الحامي لادوات الدولة ومحاولة تطوير الادوات مشروع دائما .
إصلاح أي مبنى لا يكون من خارجه،لان هذا يعني حرقه أو تدميره،وإنما يكون من داخله وقد تخصص كثيرون فى كيفية إدارة وإصلاح وإعادة هيكلة المؤسسات وفقا لقنوات الحكم الرشيد التي سبقتنا إليه دول كثيرة في أعقاب تخلصها من الفساد والاستبداد والفرد المنقذ والمخلّص , وعلينا اعادة مراجعة تقاليد العمل المؤسسي المحكوم بنظرية ثلاثية الابعاد ديمقراطية الوصول إلى السلطة، وديمقراطية ممارسة السلطة، وديمقراطية الخروج من السلطة .
أهم ما تعنيه الدولة هي فكرة الانضباط المؤسسي الذي يحقق وظائفها الأمنية (الجيش والشرطة) ونحمد الله ان هذا الركن مؤسسي بامتياز , أوالتمثيلية (البرلمان والأحزاب) والتنموية (الوزارات الاقتصادية) والتثقيفية (التعليم والثقافة والإعلام والأوقاف) والحقوقية (السلطة القضائية)، وهو ما تعاني منه الدولة حاليا وستستمرالمعاناة مالم يكن هناك التزام صارم بتطبيق القانون بما في ذلك تطبيق القانون الذي لانوافق عليه،حتى لو اعتبرناه ظالما،إلى أن ننجح في تعديله. لكن الخروج على قانون لايوافق هوانا يدمر فكرة الدولة من الأصل ويعيدنا إلى منطق الغابة.
لطمية الخاسر او المتعنت والجالس في حزبه او منزله تحقق له تعاطفا مؤقتا او تستدرج له العطف لكنها ليست المخرج او الحل وليست الاداة السليمة لتحقيق الاهداف المجتمعية النبيلة وتؤشر على ان مستخدمها بالنهاية فردي ومشكوك في نواياه واهدافه .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو