الأحد 2024-12-15 00:50 ص

.. المعادلة تغيرت

08:33 ص

عند دراسة ملفات المحافظات وعلاقتها بالدولة خلال العقود الماضية نجد أن جزءاً مؤثراً في معادلة العلاقة السياسية أن المحافظات اعتمدت بشكل شبه كامل على الدولة في اقتصاديات الأفراد فضلاً عن البنى الاجتماعية الموجودة في معظم مناطق المملكة ، هذه المعادلة كانت تقوم على الاعتماد الكامل على الدولة، حيث كانت المصدر الوحيد للوظيفة أي الدخل، وكانت المؤسسة العسكرية بكل تفاصيلها هي المصدر الرئيسي للوظيفة، كما كانت مصدراً للمكانة الاجتماعية حيث الرتبة العسكرية كانت اضافة نوعية للنسب الاجتماعي ، وكانت معايير المؤسسة العسكرية عادلة بحيث منحت حتى لأبناء العائلات الصغيرة فرصاً للتميز والمواقع المتقدمة بما شكله هذا من تطور في مستوى المعيشة والأدوار الاجتماعية.

وحتى في سنوات القحط وتراجع دخل الزراعة وتربية المواشي كانت الوظيفة الرسمية العسكرية في الغالب ونسبة منها في الجهاز المدني هي الحل لتفادي آثار القحط أو ( المحل ).
وحتى في التعليم فإن جزءاً منه كان يتم في المؤسسة العسكرية، ومن أتيحت لهم فرص التعليم الجامعي في الداخل والخارج فإن الانتساب للمؤسسة العسكرية كان خياراً مفضلاً.
وفي الاطار الأوسع فإن اقتصاديات المحافظات بمن فيها كان معتمداً على الدولة، فالخدمات تقدم والبنية التحتية وحتى المعونات للفقراء والأعطيات للكبار، فكانت الدولة ليست العنوان السياسي بل الحل الاقتصادي للأفراد والمجاميع، وهذا عزز من قيمة الانتساب والنسب الاجتماعي.
ومع تغير دور الدولة الاقتصادي، وغياب الوظيفة الحكومية أو لنقل الحل الحكومي للقضايا الاقتصادية تأثرت المعادلة العامة للعلاقات، وحتى استثمار النسب والمنزلة الاجتماعية تغير لأن البحث عن مصدر الرزق أصبح خارج اطار الجهات الرسمية، ولهذا فحكاية ثقافة العيب مرتبطة بوجود الحل الرسمي، فمهما كان الاسم والنسب فإنه داخل المؤسسة الرسمية لا يمس صاحبه لهذا لم يكن هناك تردد في العمل، لكن الاسم والنسب مع العمل في القطاع الخاص وبخاصة الأعمال المهنية يفقد صاحبه عبارتنا المشهورة ( أعرف مع مين بتحكي )، وهي عبارة ذات إرتباط بالبنى الاجتماعية للمجتمع وليس فقط للتفاخر، لكن إغلاق باب المؤسسات الرسمية وتراجع الحل الرسمي في تأمين متطلبات الحياة سيغير الأولويات فأيهما أهم الاسم أم لقمة الخبز؟!.
حين نتوقف عند قضايا المحافظات وأبنائها فإن علينا أن نتوقف طويلاً طويلاً مع التغير الجوهري في علاقة المحافظات مع الدولة اقتصادياً وبخاصة مع ضعف التنمية وزيادة التعليم مع ضعف التوظيف والتشغيل وتركيبة القطاع الخاص وخارطة توزعه على المحافظات.
إنها المعادلة الاقتصادية التي تغيرت كثيراً، مع إيماني الكامل بالعوامل الأخرى.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة