الوكيل الاخباري - ممدوح النعيم :منازل بلا سقوف قد تكون قصة تستهوي الأدباء لكن أن تتجسد قصة البؤساء بشخوص أحياء في بحر اليأس فهذه حكاية بعض سكان بلدة الملاحة من الأغوار الوسطى ,أناس طواهم الإحباط فغادر بعضهم , باحثا عمى تبقى من أمل في متاهات الحياة.
الملاحة اسم , يدلل على ارتفاع نسبة الملوحة بتربتها, وعلى الرغم من التحسن الطفيف الذي طرأ على واقع الخدمات فيها , إلا أنها تعاني من مشكلة انهيار العديد من منازلها وبات بعض أبنائها بلا مسكن تتوافر فيه ابسط مقومات الحياة .
البلدة تأسست في العام 1967 بعد قيام سلاح الجو الإسرائيلي بقصف القرى الأردنية المحاذية للضفة الشرقية من نهر الأردن يقدر عدد سكانها بما يقارب ثلاثة آلاف نسمة يعمل غالبيتهم بالقطاع الزراعي الذي بات من أهم مصادر توليد الفقر بسبب ارتفاع كلف الإنتاج الزراعي وتراجع أسعار بيع المنتجات الزراعية مما جعل وجهة العديد منهم تذهب صوب صندوق المعونة الوطنية .
الشاب سليمان محمد الذي يبلغ عدد أفراد أسرته أربعة أفراد ومتزوج من سيدتين يقيم في منزل لا يحمل من المساكن الآمنة إلا الاسم فسكنه مجرد بناء شبه مهجور دون أبواب او شبابيك أو سقف .
يقول سليمان للوكيل الإخباري' هذا بيتي وهذه حياتي اشعر بالمرارة والألم كوني لا استطيع عمل شيء لأبنائي ,أرجو من الناس ان تقدر ظروفي ,وعلى الحكومة ان تراعي واقعي ومن هم بمثل حياتي نريد العيش الكريم لأبنائنا'.
يضيف سليمان أنا أمام المعاناة عاجز عن عمل أي شيء ولا اعرف كيف ستكون حياة أبنائي هذا التفكير يحاصرني وأحاول الهرب من واقعي بأي شكل'
هرمنا مقولة تتردد معبرة عن واقع مؤلم لمن لم يحقق في حياته الحد الأدنى من طموحاته وهذه حال موسى احمد المحسن الذي شارف على العقد السادس من عمره ليجد ان حياته بدأت في معرش وتمضي في معرش بلاستيكي يقيم فيه صيفا وشتاء.
يقول موسى ' هل تصدق أن هذا سكن إنسان له أحلام ,بات اليوم همه ان يحيا بمستوى الحد الأدنى من حياة أي كائن '
يقول صديق موسى الذي يجلس الى جانب موسى موجها الحديث اليه 'موسى نريد ان نزوجك فما رأيك؟' يصمت موسى ليكون رده لقد هرمنا ولم يتبقى من العمر إلا القليل وأريد أن أحيا بالقليل الذي أتقاضاه من صندوق المعونة أو مساعدتي في بناء غرفة تبعد عني حر الصيف وبرد الشتاء'
الزواج المبكر وتعدد الزوجات ظاهرة ملفتة وهو ما زاد من نسبة الفقر والبطالة والأمية هذا الثالوث الخطر الذي يهدد حياة الأجيال .
رئيس شبكة التطوير المجتمعي في لواء ديرعلا مخلد الشهاب يقول 'إن ارتفاع نسبة الزواج المبكر يدفع الشباب الى تحمل المسؤولية بشكل مبكر , وفشل الزواج الأول المبكر يقود إلى زواج ثاني مما يضاعف من حجم الأعباء على الأسر , ويقود الى عدم تمكن الأب من الوفاء بالتزاماته اتجاه أسرته وهو ما ينتج مشاكل مثل التفكك الأسري من خلال الطلاق وبالتالي عدم ذهاب الأبناء الى المدارس.
مرة أخرى تتجه الأنظار صوب صندوق المعونة الوطنية ليعالج واقع الفقر والحرمان الذي تعاني منه الأسر الفقيره .
الناشط الاجتماعي ابراهيم الجايز يشير الى أهمية تفعيل دور الجمعيات الخيرية فيما يتصل بعقد الورش والمحاضرات التوعوية في المجالات الصحية , والاجتماعية وتدريب وتأهيل الشباب على المهن المطلوبة في سوق العمل وتحفيز الشباب على الالتحاق بفرص العمل المتوفرة لان حجم البطالة كبير جدا ,مع الإشارة ان المعونة الشهرية لا تشكل حلا جذريا لظاهرتي الفقر والبطالة'
السيدة وردة تشكل معاناتها نموذجا حيا لكل الحالات التي تعاني الفقر والبطالة مع وجود احد أفراد أسرتها من ذوي الاحتياجات الخاصة 'تقول ابنة السيدة ورده والدتي في حالة سباق مع الزمن لتامين الاحتياجات الضرورية لنا لكن يبدوا ان الزمن سبقنا بعد انهيار الغرفة التي كنا نسكنها وأصبحت مياه الأمطار رفيقتنا بليال السهر الشتوية ,متى سيكون لدينا منزل سؤال لا يمكن الإجابة عليه هل تصدق ذلك؟'
وعلى مرمى حجر من البلدة تمتدد سلسلة من المهارب المائية النتنة التي تشوه بيئة البلدة التي تعاني أصلا من تشوهات بيئية طبيعية تتمثل بتآكل جدران المنازل بسبب ملوحة التربة.
يقول الحاج عزيز ثليج 'تعاني البلدة أيضا من تدهور البنية التحتية فيها فالطرقات مدمرة , وخطوط المياه تلقي المياه على الشوارع بينما لا تصل المياه الى غالبية المساكن , وهذا كله يزيد من حجم المشاكل العامة التي تعاني منها بلدة الملاحة '
المهارب المائية القريبة من المنازل تشكل محور قصة البؤساء لابناء البلدة فهي ملاعب الاطفال ومحل خطر دائم على السكان .
يقول حسن براهمه ' سنوات مضت ونحن نطالب بان يصار الى مد أنبوب مغطى لتصريف مياه الصرف الجوفي المالحة التي تعود لسلطة وادي الأردن , نوعية المياه الجارية فيها مالحة تاتي من أنابيب تحت موجودة أسفل الأراضي الزراعية لغاية تخفيض نسبة الملوحة بالتربة ’ إلا أن الجزء المكشوف منها جعلها مصدر لتكاثر الحشرات والزواحف , ومكانا للعب الأطفال والسباحة فيها إلى حد إصابة بعض الأطفال بإمراض جلدية '
النائب محمد العلاقمه الخارج من رحم بلدة الملاحة والأكثر متابعة لقضاياها يقول للوكيل الإخباري' الملاحة من مناطق الفقر الرئيسية في لواء ديرعلا والتي طالما غابت عنها الخدمات الأساسية '.
مضيفا ' أنا لا أتحدث عن الملاحة من باب الانحياز الاجتماعي والكل يعرف ان بلدة الملاحة تحتاج الى بنية تحتية قوية في الخدمات من طرق ومدارس وإعادة مساعدة أهلها على الاستقرار والسكن , ففي المرة الأولى وخلال العدوان الإسرائيلي على القرى الأردنية الواقعة شرقي النهر تم تدمير بيوت أهالي بلدة الملاحة الذين اضطروا للإقامة بهذه المنطقة التي تمتاز بارتفاع نسبة الملوحة بتربتها ,والتي أدت بالنهاية الى تدمير وانهيار العشرات من المنازل وصبح العديد من الأسر بلا مساكن هذه الحقيقة التي على الآخرين معرفتها '
جلالة الملك هو المنقذ لأبناء شعبه دوما يضيف النائب العلاقمه ' لقد أمر جلالة الملك الحكومة بتقديم العون السريع لأهالي البلدة والعمل على بناء مسكن للأسر الفقيرة فيها , وتعاملت الحكومة مع توجيهات جلالة الملك بسرعة كبيرة من خلال طرح عطاء لبناء 242 منزلا في البلدة للأسر الفقيرة بكلفة تصل إلى 6 مليون دينار, والمرحلة التالية ستكون إجراء أعمال الصيانة والترميم لمنازل البلدة '
ولفت النائب العلاقمه ' سيصار خلال الفترة القريبة العاجلة افتتاح البناء الجديد لمدرسة الملاحة الأساسية التي كانت على الدوام حلم ابناء البلدة الذي أصبح حقيقية وسوف يشهد العام الدراسي القادم التحاق أبنائنا الطلبة أليها قريبا سيتم افتتاحها برعاية رئيس الوزراء وبلغت كلفتها ما يقارب مليون دينار'
وأشار النائب العلاقمه ' إلى أهمية معالجة المشاكل البيئية التي تعاني منها البلدة من خلال انتشار المهارب المائية التي بات أمر معالجتها أمرا مهما لارتباطه بالواقع الصحي والبيئي والتنموي اذا ما سعينا بالمنطقة نحو إقامة مشاريع تنموية تتوافق مع طبيعة المنطقة وتساهم في معالجة ظاهرتي الفقر والبطالة ولو بالحد الادنى .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو