الأربعاء 2024-12-11 17:57 م

المهمة المستعجلة!

08:17 ص

حادثة الاعتداء على المستثمر (من قبل بعض البلطجية) التي أشار إليها رئيس الوزراء (أول من أمس) في اجتماع مجلس الوزراء، لسيت استثناء، أو أمراً غريباً، عن واقع مقلق ما يزال قيد الإنكار من قبل الحكومة والجهات المعنية، والمقصود هنا التنمّر على القانون من قبل فئات اجتماعية.



لا أعلم إن كان الرئيس يعرف بأنّ هنالك العديد من المصانع والشركات التي تعمل في مناطق مختلفة من الأطراف (في البادية وبعض المحافظات) تدفع رشوة غير مباشرة لسكّان في تلك المناطق أو متنفّذين (بعضهم نواب وأعيان)، تحت عناوين وهمية وخادعة، من أجل ضمان السلامة وعدم الاعتداء من قبل بعض قطّاع الطرق والبلطجية والمتنمّرين على الدولة والقانون.


إذا رغب الرئيس يمكن أن يعقد لقاءً مع بعض هؤلاء المستثمرين، ليعلم منهم كيف تجري الأمور المخجلة في كثير من الأحيان، وكيف أنّ هنالك ابتزازاً وتلاعباً بالمستثمرين، وتراخياً في التعامل مع الظاهرة، حتى باتت ضمن حزمة 'الحقوق المكتسبة' للبعض، وهذا المصطلح هو أسوأ ما استُدخل على الثقافة الأردنية خلال الأعوام الماضية، وهو – أي الحقوق المكتسبة- بمثابة الاسم الحركي للاسترضاء والتنمّر على القانون وابتزاز الآخرين.


صحيح أنّ الدولة – كما ذكر الرئيس- بدأت بمعالجة الظاهرة في بعض المجالات، لكن ذلك ما يزال عملاً جزئياً، منقوصاً، أولاً، وموسمياً، ثانياً، أي يشتد في لحظات ويتراخى في أخرى. والأصل أصبحت ظاهرة الخاوات والعطوات من قبل شركات ومستثمرين في مناطق، لضمان سلامة ممتلكاتهم واستثماراتهم.


القصة ليست فقط في الأطراف، بل في عمّان نفسها، إذ يتوارى أصحاب السوابق والبلطجية وراء شركات وأسماء وهمية، ويبتزون شركات ومطاعم ليدفّعوها 'خاوات' غير رسمية، بعناوين وهمية، ورواتب ليست صحيحة، وتضطر الشركات للرضوخ في كثير من الأحيان لهؤلاء، لأنّ هنالك ثغرات في القانون، وطلباً للسلامة، وعدم الدخول في دوّامات من المشكلات مع هؤلاء الأشخاص.


تحدّث الملك في لقائه أمس مع النواب عن ظاهرة التطاول على القانون، وعن الواسطات والمحسوبيات، وهو الموضوع نفسه الذي أفرد له الورقة السادسة، ويتغلغل في العديد من المفاصل، ومنها انتشار الرشوة في الأوساط الإدارية الوسطى والدنيا، بصورة غير مسبوقة في الأردن، كل ذلك ضمن حزمة الإصلاح الإداري الذي تحدّثنا عنه، ورفعته الحكومة شعاراً لها.


جيد أن يشكل الرئيس لجنة تضم عدداً من الوزراء، لكنّ ذلك لا يكفي، لأنّ المعني بالموضوع أيضاً هي الأجهزة الأمنية جميعاً، التي تعرف تماماً هؤلاء البلطجية ولديها سجل واضح وإدراك عميق بالظاهرة المذكورة، وهي القادرة على الإمساك بمفاتيح الأمور.


من المطلوب تحصين الأجهزة الأمنية، قانونياً وإدارياً، ليس التحصين المطلق، فهذا ضد منطق القانون نفسه، بل التحصين التشريعي والإعلامي والاجتماعي الجيّد، الذي يؤدي إلى تمكين الأمن من الضرب بيد من حديد ضد هؤلاء الخارجين على القانون والبلطجية والزعران، وبعضهم أصبح يركب سيارات فاخرة ويمتلك ثروات من وراء هذا المنهج الفاسد، وهم معروفون بالاسم للأجهزة الأمنية، كما حدث عندما قام بعضهم بالاعتداء على أحد الشباب في محافظة الزرقاء قبل شهور، وتمّ إلقاء القبض عليهم.


العنوان الرئيس لجذب الاستثمارات هو دولة القانون والأمن، ولا يمكن أن يتم ذلك إلاّ باقتلاع هذه الظاهرة من جذورها، وهو أمر ممكن بل ضرورة وطنية، فالمطلوب توافر الإرادة الصارمة لإنجاز هذه المهمة.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة