الإثنين 2024-12-16 02:29 ص

الموساد يبحث عن فلاسفة ومؤرخين!

07:33 ص

العنوان ليس من اختياري، فهو لمحرر موقع «المصدر» وهو موقع إسرائيلي باللغة العربية، والقصة تدور حول «إعلان» نشره الموساد يطلب موظفين جددا بدرجة: فلاسفة ومؤرخين!



مسمى الوظيفة الرسمية التي سيشغلها المرشحون في المنظمة الإسرائيلية السرية هي «ضباط استخبارات»، وللترشح لهذه الوظيفة على المرشّحين أن يكونوا أكاديميين في المجالات التالية: القانون، الفلسفة، العلوم السياسية، العلاقات الدولية، علوم الشرق الأوسط، علوم في مجال الأمن، تسوية النزاعات، الاقتصاد، الإعلام، إدارة الأعمال، والعلوم الدقيقة. وهناك تأكيد في الإعلان على أن الخبرة في مجال الاستخبارات ليست مطلوبة.‎‎ وورد أيضاً في وصف متطلبات الوظيفة: «وظيفة مثيرة للتحدي وهامة في المنظمة، تتضمن مسؤولية خلق صورة الاستخبارات، بلورة نصائح إستخباراتية وعملياتية وتحويلها إلى واقعية. تتيح الوظيفة عملا على الأمد البعيد وتحديا في مجالات الاستخبارات المختلفة في المنظمة، وهي معدة لذوي القدرة على التحليل والتفكير بمستوى عال، دفع العمليات قدما، المبادرة والإبداع، التعبير الشفهي والكتابي العالي، العلاقات الإنسانية الممتازة، والقدرة على العمل في ظروف الضغط وفي ظروف عدم اليقين».


يثير هذا الإعلان في النفس شجونا كثيرة، ليس سهلا على القارىء أن يمر عليها مرورا سريعا، بالنسبة لي أشعر بغيرة خاصة من طريقة عمل هذا الجهاز، وطريقة انتقائه لموظفيه، وتقفز لذهني وبطريقة آلية فورية طريقة تعيين شاغلي الوظائف الحساسة والرفيعة في بلادنا العربية، والمعايير التي تحكم هذا التعيين.


فثمة معايير أخرى لا يمكن الإعلان عنها، هي التي تحدد من يشغل تلك الوظائف، ومواصفات الصالحين لاحتلالها، فثمة في بلاد العرب حزب يسميه النائب العزيز خالد رمضان شافاه الله وعافاه، حزب الإدارة العامة، هو من يتحكم في مقدرات كل شيء، وهو في واقعه عبارة عن ناد يضم في عضويته «كبار القوم» وعباقرتهم، يحرصون أن تكون تلك الوظائف محصورة في أعضاء النادي وأولادهم وأنسبائهم وأحبتهم الأقربين، فهم أدرى بشؤون «دنياهم» والأقدر على قياس درجة الولاء والانتماء، وتوزيع مستحقات الوطن بالعدالة والقسطاس على «ذوي الأرحام» ولهذا فليس ثمة حاجة لنشر إعلانات من نوع إعلانات الموساد، وحتى لو تم مثل هذا الأمر، وشكلت اللجان لاختيار المرشحين، فهي لذر الرماد في العيون، ولا تشكل عنصر حسم في اختيار من يستحقون خيرات الوظائف!


ومثلما يثير إعلان الموساد مثل تلك المشاعر في النفس، يثيرها أيضا اهتمام الجمهور العربي وهوسه غير المحدود بالانتخابات والاستفتاءات التي تجري في بلاد العجم، كونه محروما من هذه النعمة كما يبدو، وكذا هو الأمر هوس العرب بالفرق الأجنبية في الرياضة، على نحو يثير العجب، وكأن أعضاءها من أصلاب العرب، وهي ظاهرة تحتاج إلى تفسير عميق، ولئن كانت غيرتي من الموساد، سببا لاهتمامي بإعلانه الأخير، فربما تكون الغيرة أيضا هي سبب تحزبنا لفرق كرة القدم الأجنبية التي لا أعرف أسماءها، وكذا هو الأمر بالنسبة لمتابعتنا المدهشة وانفعالنا الشديد مع انتخابات أمريكا وفرنسا وهولندا واستفتاءات تركيا وغيرها وغيرها!


ألم يتحدث ابن خلدون، عن سلوك الضعيف ومشاعره تجاه القوي، وما يفعل؟
ومهما يكن من أمر، فتلك «الغيرة» النبيلة التي أتحدث عنها، ربما تكون سببا في حراسة شوق العقل الجمعي العربي الدائم لأن لا يكون أقل من الآخرين، إن لم يكن أحسن منهم!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة