السبت 2024-12-14 22:40 م

الميّة مقطوعة يا ريس!

01:57 م

كنت في العيد أزور صديقاً في الرصيفة لم أزره منذ سنوات وقد عاد من السعودية..أصر على أن أتناول الغداء معه في المنزل..وكانت المفاجأة لي والتي أحرجته أنني حين قمت لغسل يدي لم اجد ماء في الحنفية..

سارع لطلب زجاجة ماء من الدكان لأغسل يدي وحين سمعت الطفل الصغير الواقف خلفي يريد الشرب توقفت عن الغسل ..كان الحديث اللاحق كله عن انقطاع الماء عن منطقة الجبل الشمالي من الرصيفة وطريق ياجوز فمنذ (23) يوماً لم يصل الا الهواء الذي يصفر في الانابيب ويحرق عقارب الساعات ..
البيوت لا تغسل الا اذا كان صاحب البيت مقتدراً وحين يتعلق الأمر بساكني الرصيفة فإن 90% منهم لا يستطيعون شراء الماء بأسعار التنكات التي ارتفعت أسعارها أو استعمال الماء المعبأ في الزجاجات للغسيل!!
كيف لمواطن فقير أن يستمر في حياته وقد انقطع عنه الماء لثلاثة أسابيع..ما هو حجم التردي في الصحة والبيئة وما حجم الاكتئاب وسوء المعيشة والاحتقان والغضب؟..كيف يمكن لمثل هذا المواطن ان ينظر الى صورة الوطن والى المشاركة وبرامج الاصلاح وكيف يستوعب كل أشكال التنظير والوعود..
قيل للإمام الشافعي حين نفد الطحين في منزله وقد أخبرته الجارية بذلك..يا أبا محمد الطحين نفد، فقال: كان في رأسي ألف مسألة ومسألة حتى قالت الجارية الطحين نفد فلم أستطع أن أفكر في شيء»..اذا كان هذا حال الامام الشافعي أمام الحاجة الأساس فكيف بحال المواطن وكيف سيفكر؟ أين المسؤولية العامة المنطلقة من المصلحة العامة؟..وهل على الملك أن يركض الى كل بقعة ينقطع عنها الماء كما فعل لاحدى قرى الكرك أو مواقع أخرى..ومن يوفر الماء للرصيفة وأكثر من أربعة أحياء في الزرقاء لم يدب الماء في عروقها منذ شهرين؟..أين وصول صوت المواطن؟ ولماذا لا يكون النائب موصلاً جيداً أو حتى عادياً لهذه الاصوات المختنقة التي لا تزار الا في الانتخابات وبعدها يسدل الستار وينقطع الماء..
شرعاً هل يجوز أن ينام الوزير مرتوياً وهناك عطشان؟ لماذا يشرب الوزير وهؤلاء لا يشربون؟ ويغتسل وهؤلاء لا يغتسلون؟ ويتمتع الكثيرون بالماء استحماماً وسقاية حدائق وتعبئة برك سباحة وغسيل سيارات في منزل واحد لما يكفي حياً كاملاً..وهؤلاء لا يجدون غسل أيديهم أو حتى ماء الوضوء في منازلهم؟..
هذه قضية هامة وملحة لا يجوز تجاوزها أو السكوت عليها وما زلت أذكر قول رئيس الوزراء الدكتور فايز الطراونة في محاضرة له في منتدى حزب الاتحاد الوطني تعليقاً على الحراكات الشعبية..»العيل الذي لا يصرخ أمه لا ترضعه»..فماذا على سكان الرصيفة أن يفعلوا من اجل الماء؟ هل يكتفون بالدعاء؟ أم يخرجون للاستسقاء في غير وقته؟ واين المخزون المائي من الشتاء الماضي؟..
على وزير المياه أن يخرج للناس ليقول لهم شيئاً مقنعاً قبل أن يقولوا له شيئاً لا يرضيه وقد يستنكره..
أذكر احدى السيدات في الرصيفة سألتني وأنا أعبر من أمام منزلها وقد قرأت مقالي عن مخيم الزعتري..هل في الزعتري ماء للشرب والاستحمام ؟ فقلت نعم، فقالت هل يقبلوننا لو ذهبنا هناك؟ فخجلت وأدرت وجهي ومشيت!!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة