الجمعة 2024-12-13 16:39 م

الناقــة *

12:10 م

لدى عائلتنا ناقة ورثناها كابراً عن كابر ..أطعمناها أخضرنا و يابسنا..كل صباح تقوم غالبية العائلة بغسلها و تقبّل أقدامها و ترعى بدلاً عنها و تجلب لها الطعام و الشراب ..! عوّدنا الناقة على ذلك ؛ حتى صارت تُعرف بين النوق بـ»الناقة الدلّوعة» ..!


اكتشفنا ذات جوع ..أن القسم القليل من العائلة و الذين لا يشاركون بتدليعها و إطعامها و غسلها يسبقوننا فجراً بل قبل ذلك بقليل و كثير ..في عتمة الليل ..ويسرقون لبنها ..ولم يختلفوا فيما بينهم على قسمة ما يسرقونه ..فمنهم من يبيع نصيبه للمصانع ..ومنهم من يبيعه للعطارين كي يشفي أمراضاً غير أمراضنا ..ومنهم من يسكب نصيبه على الأرض ..!

يشتدّ الجوع بنا كل يوم ..وناقتنا لا تطعمنا ..بل نحن من يطعمها ..والسارقون يكثرون ..وكلّما قام أحد منا ليراقب ما يحدث للناقة ليلاً ؛ يجتمع السارقون عليه و يوسعونه ضرباً و يفضحونه في بيان : يريد أن يهتك عرض الناقة ..يريد أن يعبث بالأمن القوميّ لها ..!

المصيبة ، أننا نجوع ولا نشرب حليبها و الناقة تزداد نحافة ..منعتنا بقيّة العائلة حتى من إطعامها ..وفي بالهم أن يبيعوها كتلة واحدة ..منعونا من الاقتراب منها ..و اشترطوا أن نأتي لها نحن بالطعام و الشراب و نسلمهما لهم ..! و قد فعلنا ..خوفاً على ناقتنا الغالية وكلما أعطيناهم شراباً و طعاماً للناقة الصبورة كلّما كثرت أمراضها وزاد ضمورها ..!

السارقون من عائلتنا منعونا من جلب الطعام و الشراب لها ..و طالبونا بعلاجها عن بُعد ..! و لمّا سألناهم عن «طريقة البُعد» تلك ..خرجوا علينا بفكرةٍ لا تخطر على بال شيطان ..قالوا لنا : بيعوا أثاثكم و سياراتكم و ملابسكم و ضعوا أثمانها في المكان الذي سندلكم عليه ..!!

ما زلنا نرفض بيع ملابسنا ..و السارقون من عائلتنا يتهموننا جميعاً بالتخريب و اللاوطنيّة ..و الناقة سقطت على الأرض لأن قوائمها الأربع لم تعد تقوى على الوقوف ..! وصارت حديث كل الناس و يصدق فيها قول الشاعر:

هزُلت وبانَ هُزالها .. حتى سامَها كلُّ مفلسِ


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة